إلى الشيخ: (أبي الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الضرير (١)) رحمه الله، وكان من أبرع أهل زمانه في لطائف النحو وغوامضه، وأعلمهم بمضايق (٢) طوق العربية ودقائقها، ولعله تفرس فيَّ، وتوسم (٣) أثر الخير لدي، فتجرد (٤) لتخريجي، وصرف وكده (٥) إلى تأديبي، ولم يذخر (٦) عني شيئا من مكنون ما عنده، حتى استأثرني بأفلاذه (٧)، وسعدت به أفضل ما سعد تلميذ بأستاذه.
وقرأت عليه جوامع النحو والتصريف والمعاني، وعلقت عنه قريبًا من مائة جزء في المسائل المشكلة، وسمعت منه (٨) أكثر مصنفاته، في النحو والعروض والعلل، وخصني بكتابه الكبير في علل القراءات المرتبة في كتاب "الغاية" لابن (٩) مهران.

(١) سبقت ترجمته مع شيوخ الواحدي.
(٢) في (ب): (بمضاق).
(٣) (وتوسم): ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (متجرد).
(٥) في (ب): (فكره). (وكده)، أي قصده. قال في "تهذيب اللغة" وكد فلان أمره يكده وكدا إذا مارسه وقصده. "التهذيب" (وكد) ٤/ ٣٩٤٣. وانظر: "الصحاح" (وكد) ٢/ ٥٥٣، "اللسان" (وكد): ٣/ ٤٦٧.
(٦) ذخر الشيء يذخره ذخرا: اختاره لنفسه وأبقاه لوقت الحاجة، انظر: "اللسان" (ذخر) ٣/ ١٤٩٠، "المعجم الوسيط" (ذخر): ١/ ٣٠٩.
(٧) في (ب): (بأولاده). الأفلاذ جمع، مفرده: فلذة، والمراد: لب الشيء وخالصه، كما في الحديث في أشراط الساعة: "تلقي الأرض بأفلاذها" المراد: كنوزها، وفي قصة بدر: هذِه قريش قد رمتكم بأفلاذ كبدها أي صميم قريش ولبها وأشرافها.
انظر: "تهذيب اللغة" (فلذ) ٣/ ٢٨٢٧، "اللسان" (فلذ) ٦/ ٣٤٦٠.
(٨) في (ب): (عنه).
(٩) كتاب "الغاية في القراءات العشر" لأبي بكر الحسين بن مهران النيسابوري ت ٣٨١ هـ جمع فيه القراءات العشر، مع ذكر قراءة اختيارية انفرد بها عن سهل بن محمد أبي حاتم السجستاني، وذكر في مقدمة كتابه أسانيده لكل قراءة، طبع الكتاب بتحقيق =


الصفحة التالية
Icon