الذي لا يكون إلى عربيا، ولا يلتبس بلغة غيرهم (١).
والصحيح أنه مشتق من الرحمة، وأنه اسم عربي لوجود هذا البناء في كلامهم، كاللهفان والندمان والغضبان (٢). قال الليث: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ اسمان، اشتقاقهما (٣) من الرحمة (٤).
وقال أبو عبيدة: هما صفتان لله تعالى، معناهما ذو الرحمة (٥). وأما ما احتج به أبو العباس من قوله: ﴿وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان: ٦٠] فهو سؤال عن الصفة، ولذلك قالوا: ﴿وَمَا الرَّحْمَنُ﴾، ولم يقولوا: ومن، والقوم جهلوا

(١) لعل هذا من قول ابن الأنباري، لأن كلام الواحدي بعد هذا يدل على ذلك، لأنه رجح أن أصله عربي، وأنه مشتق، وأورد بعض الردود على أبي العباس كما سيأتي. قال الزجاجي رادا على من قال: إن أصله غير عربي... الرحمن معروف (الاشتقاق) والتصريف في كلام العرب، والأعجمي لا معنى له في كلام العرب ولا تصريف "اشتقاق أسماء الله" ص ٤٢.
وقول أبي العباس: إنه أورد (الرحيم) لأنها تعرفه العرب، مع (الرحمن) الذي يلتبس بكلام غيرهم. فكأنه جعلهما بمعنى واحد. وجمهور العلماء على أن لكل واحد منهما معنى غير معنى الآخر، وأن (الرحمن) عربي، وانما الكلام لم قدم (الرحمن) على (الرحيم)؟ وأجاب عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٨ - ٥٩، ويرد قريبا في كلام الواحدي.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٥، "اشتقاق أسماء الله" ص ٣٨، "المخصص" ١/ ١٥١.
(٣) في (ب): (اشتقاقهم).
(٤) "تهذيب اللغة" (رحم) ٢/ ١٣٨٣.
(٥) "مجاز القرآن" ١/ ٢١، "تهذيب اللغة" (رحم) ٢/ ١٣٨٣، والنص من "التهذيب"، وقد رد الطبري على أبي عبيدة قوله وأغلظ له حيث قال: (وقد زعم بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التأويل، وقلت روايته لأقوال السلف من أهل التفسير أن (الرحمن) مجازه: ذو الرحمة..) الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٨.


الصفحة التالية
Icon