عليه والشكر لنعمه (١).
وقال أبو بكر (٢): قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ يحتمل أن يكون هذا إخبارًا أخبر الله تعالى به، والفائدة فيه أنه يبين (٣) أن حقيقة الحمد له، وتحصيل كل الحمد له (٤) لا لغيره، وذلك أنا (٥) نرى بني الدنيا ينعم (٦) بعضهم على بعض، فيحمده على إنعامه، فيكون حقيقة الحمد في ذلك لله، إذ هو الذي أنعم على الذي أنعم بما أنعم به، ورزقه إياه، وهو الذي وفق المعطي للعطية، وأجراها على يديه، فكان حقيقة الإنعام من الله تعالى، ومكافأة المنعَم عليه بالشكر (٧) والحمد راجعة إليه جل اسمه (٨).
وعلى هذا فقد حُكِي أن ابن التوءم (٩) كان يقول: إنما يجب أن يشكر

(١) انتهى من "التهذيب" (حمد) ١/ ٩١٣، مع اختلاف يسير في العبارة، وانظر: "اللسان" (حمد) ٢/ ٩٨٧.
(٢) هو ابن الأنباري، وقد نقل عنه الواحدي في هذا الموضع كثيرا، ولم أجده في كتبه الموجودة، ولعله ضمن كتبه المفقودة كـ "المشكل في معاني القرآن"، انظر الدراسة.
(٣) في (ب): (أن بين) وفي (ج): (أنه بين).
(٤) في (ب): (لله).
(٥) في (ب): (أنه).
(٦) في (ب): (يُنَعَّم) بالتشديد.
(٧) في (ب): (الشكر).
(٨) انظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ١٧، "تفسير الثعلبي" ١/ ٢٤/ ب، ٢٥/ أ، "الزاهر" ٢/ ٨٤، "تفسير الطبري" ١/ ٥٩، "تفسير ابن عطية" ١/ ٩٩ - ١٠٠، "تفسير الماوردي" ١/ ٥٣، "تفسير البغوي" ١/ ٥٢، "القرطبي" ١/ ١١٤ - ١١٥، "الكشاف" ١/ ٤٦، ٤٧.
(٩) ابن التوءم لم أجد له ترجمة، وكلامه أورده ابن قتيبة في عيون الأخبار أوسع مما ذكره الواحدي هنا. "عيون الأخبار" ٣/ ١٩١، قال ابن قتيبة: (قال ابن التوءم: كل من كان جوده يرجع إليه ولولا رجوعه إليه لما جاد عليك.. وإنما يوصف بالجود في الحقيقة، ويشكر على النفع في حجة العقل، الذي إن جاد عليك فلك جاد..).


الصفحة التالية
Icon