ولا بد من ذكر طرف من مذهب النحويين في (الألف واللام) اللتين للتعريف وحكمهما. ومذهب (١) الخليل في هذا أن (ال) حرف التعريف، بمنزلة (قد (٢)) في الأفعال، فإن الهمزة واللام جميعا (٣) للتعريف، وحكي عنه أنه كان يسميها (أل) كقولنا: (قد)، وأنه لم يكن يقول: (الألف (٤) واللام) كما لا يقول في (قد) القاف والدال.
واحتج لهذا المذهب بفصلين (٥) (٦):
أحدهما: أن العرب قد قطعت (أل) في أنصاف الأبيات، نحو قول عبيد (٧):

يا خَلِيلَيَّ ارْبَعَا واستَخبِرَا الـ مَنْزِلَ الدّارِس مِنَ أَهْلِ الحِلاَل
مِثْلَ سَحْقِ البُرْدِ عَفَّى بَعْدَكَ الـ قَطْرُ مَغْنَاهُ وتَأْوِيبُ الشَّمَالِ (٨)
(١) الكلام عن (أل) نقله الواحدي عن أبي الفتح بن جني من كتاب "سر صناعة الإعراب" وأذكر الفروق الهامة بين عبارة الواحدي وعبارة ابن جني في موضعه إن شاء الله.
قال ابن جني: (وذهب الخليل إلى أن (أل) حرف التعريف بمنزلة (قد)..) ١/ ٣٣٣.
(٢) انظر مذهب الخليل في "الكتاب" ٣/ ٣٢٤.
(٣) عند أبي الفتح: (إن الهمزة واللام جميعهما..) ١/ ٣٣٣.
(٤) انظر: "الكتاب" ٣/ ٣٢٥.
(٥) في (ج): (بفضلين).
(٦) عند أبي الفتح: (ويقول هذا المذهب قطع (أل) في أنصاف الأبيات، نحو قول عبيد..) ١/ ٣٣٣.
(٧) هو عبيد بن الأبرص بن جُشْم، من بني أسد، يعد من فحول شعراء الجاهلية، قيل: إنه عمر طويلا. ترجمته في "الشعر والشعراء" ص ١٦١، "طبقات فحول الشعرء" ص ٥٨، "خزانة الأدب" ٢/ ٢١٥.
(٨) قوله: (اربعا) أقيما، (الحلاَل): جمع حال أي نازل، أو جمع حِلَّة وهو جماعة البيوت، (سحق البرد) الثوب البالي، (عفى) غطى، (القطر): المطر، (مغناه) المغنى: المنزل الذي غنى به أهله ثم ظعنوا، (التأويب) الرجوع وتردد هبوبها. وردت الأبيات وفي "ديوان عبيد" ص ١١٥، "المنصف" ١/ ٣٣٣، "شرح المفصل" ٩/ ١٧، "الخزانة" =


الصفحة التالية
Icon