وقوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾، قال الكفراء: "الوليجة: البطانة من المشركين يتخذونهم فيفشون إليهم أسرارهم" (١).
وقال أبو عبيدة: "كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم: وليجة" (٢).
وأصله من الولوج، فوليجة الرجل: من يختصه بدخلة أمره دون الناس، يقال هو وليجتي وهم وليجتى للواحد والجمع.
قال ابن عباس في قوله: ﴿وَلِيجَةً﴾ "يريد: أولياء من المشركين" (٣).
وقال قتادة: "خيانة" (٤)، وقال الضحاك: "خديعة" (٥).
وهذان القولان ليسا تفسيرًا للوليجة، بل هما تفسير لعلة اتخاذ الوليجة، كأنهما قالا: ولم يتخذوا وليجة للخيانة والخديعة؛ لأن اتخاذ الوليجة من الكفار خيانة وخديعة، قال ابن عباس: "إن الله لا يرضى أن يكون الباطن خلافًا للظاهر ولا الظاهر خلافًا للباطن، إنما يريد الله من خلقه الاستقامة كما قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت: ٣٠]، الأحقاف: ١٣] (٦) ".

(١) "معاني القرآن" ١/ ٤٢٦.
(٢) اهـ. كلام أبي عبيدة، انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٢٥٤.
(٣) ذكره المصنف في "الوسيط" ٢/ ٤٨٢، وروى ابن أبي حاتم ٦/ ١٧٦٤، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٩٠ عنه قال: الوليجة: البطانة من غير دينهم.
(٤) رواه الثعلبي ٦/ ٨٤ أ، وعبد بن حميد وابن المنذر كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٩٠، و"فتح القدير" ٢/ ٣٤٣، وقد تصحف في "الدر" إلى: حنانة.
(٥) رواه الثعلبي ٦/ ٨٤ أ.
(٦) لم أقف عليه في مظانه.


الصفحة التالية
Icon