بهم وكذبوه دلوا على كفرهم (١)، وجرى ذلك مجرى الشهادة منهم على أنفسهم بالكفر" (٢).
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾، قال ابن عباس: "يريد: أن أعمالهم لغير الله" (٣).
وقال الزجاج: "أي كفرهم قد أذهب ثواب أعمالهم" (٤).
ودلت هذه الآية مع ما ذكرنا من التفسير في العمارة أن الكافر ممنوع من عمارة مسجد من مساجد المسلمين، ولو أوصى بها (٥) لم تقبل وصيته، ويمنع عن دخول المساجد، فإن دخل بغير إذن مسلم استحق التعزير، وإن دخل بإذن لم يعزر، والأولى تعظيم المساجد ومنعهم منها للآية، وقد أنزل رسول الله - ﷺ - وفد ثقيف في المسجد وهم كفار (٦)، وشد ثمامة (٧) بن أثال

(١) هذا الوجه يصح في حق أهل الكتاب دون مشركي العرب فإنهم ما كانوا يؤمنون بالأنبياء، ولا يعرفون الوحي، كما قال تعالى: ﴿بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ [ق: ٢]، وقال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٤].
(٢) ذكر قول ابن الأنباري بلفظ مقارب ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٤٠٨.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٧.
(٥) أي بالعمارة، وفي (ى): (لها)، أي للمساجد، وأثبت ما في (م) و (ح) لموافقته ما في"تفسير الرازي" ١٦/ ٧ - ٨ نقلاً عن الواحدي.
(٦) انظر: "مسند الإمام أحمد" ٤/ ٢١٨، و"سنن أبي داود"، (٣٠٢٥) كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب ما جاء في خبر الطائف.
(٧) هو: ثمامة بن أثال بن النعمان الحنفي أبو أمامة اليمامي الصحابي، كان سيد أهل اليمامة، وقد حاصر أهل مكة أقتصاديًا ولما ارتد أهل اليمامة في فتنة مسيلمة ثبت هو على إسلامه وقاتل المرتدين من أهل البحرين، وقتل غيلة سنة١٢هـ. =


الصفحة التالية
Icon