عباس: يريد بالعدل جزاءً لا يصفه الواصفون (١).
فإن قيل: لم أفرد المؤمنين بالقسط دون غيرهم وهو يجزي الكافر أيضًا بالقسط؟ قال ابن الأنباري: لو جمع الله الصنفين بالقسط لم يتبين ما يقع بالكافرين من العذاب الأليم، ففصلهم من المؤمنين ليبين ما يجزيهم به مما هو عدل غير جور، فلهذا خص المؤمنين بالقسط، وأفرد الكافرين بخبر يرجع إلى تأويله بزيادة في الإبانة والفائدة (٢).
وقوله تعالى: ﴿لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾ الحميم: الذي قد أسخن بالنار حتى انتهى حره، يقال: حممت الماء: أي أسخنته، أحميه (٣) فهم حميم، ومنه الحمام.
٥ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً﴾، قال أبو علي: الضياء لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون جمع ضوء، كسوط وسياط، وحوض وحياض، أر مصدر ضاء يضوء ضياءً، كقولك قام قيامًا، وصام صيامًا (٤)، وعلى أي الوجهين حملته فالمضاف محذوف، والمعنى: جعل الشمس ذات ضياء، والقمر ذا نور، ويجوز أن يكون جُعلا النور والضياء لكثرة ذلك منهما (٥).

(١) رواه مختصرًا ابن أبي حاتم ٦/ ١٩٢٧، من رواية الضحاك وفيها انقطاع، وكذلك الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ٢٠٨، من رواية الكلبي، وحاله لا تخفى، لكن المعنى صحيح.
(٢) ذكره مختصرًا بن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٨.
(٣) في (ح) و (ى): (أحمه).
(٤) في "الحجة": عاد عيادةً.
(٥) اهـ. كلام أبي علي، انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٢٥٨.


الصفحة التالية
Icon