و (استعجالهم) نصب بـ (تعجيك) (١) في الظاهر على ما قاله الفراء، وهو في الحقيقة نعت مصدر محذوف كما قال أبو إسحاق، واستعجالهم معناه طلبهم العجلة، وهو مصدر مضاف إلى الفاعل، والمعنى: أن الناس لو أجيبوا في الدعاء على أنفسهم وأهليهم عند الغضب كقول الرجل لابنه وحميمه: فعل الله بك وأماتك الله، وعجلوا في ذلك الشر على ما يطلبون كما يطلبون العجلة بالخير.
وزاد ابن قتيبة بيانًا فقال: إن الناس عند الغضب وعند الضجر قد يدعون على أنفسهم وأهليهم وأولادهم بالموت وتعجيل البلاء، كما قد يدعونه بالرزق والرحمة وإعطاء السؤال، يقول: فلو أجابهم الله إذا دعوه بالشر الذي يستعجلونه به استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم، قال: وفي الكلام حذف واختصار كأنه قال: ولو يعجل الله للناس إجابتهم في الشر الذي يستعجلونه استعجالهم بالخير (٢)، وعلى (٣) هذا، الاستعجال مصدر لفعل محذوف، والمصدر يدل على الفعل، كما أن الفعل يدل على المصدر، وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ﴾ فعل من الله -عز وجل-، وقوله تعالى: ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ﴾ فعل من المخلوقين.
وقال مقاتل في هذه الآية: لو استجيب لهم في الشر كما يحبون أن يستجاب لهم في الخير (٤).

(١) هكذا في جميع النسخ، وفي "معاني القرآن" للفراء: يعجل، وانظر نقل المؤلف النص قبل بضعة أسطر.
(٢) "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٩٣.
(٣) في (م): (فعلى).
(٤) هذا قول مقاتل بن سليمان، انظر: "تفسيره" ١٣٨ ب.


الصفحة التالية
Icon