وقوله تعالى: ﴿أَنْتُمْ﴾ مبتدأ ﴿وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾ عطف عليه، والخبر في قوله: ﴿مَكَانَكُمْ﴾ على ما ذكرنا من التقدير كأنه قيل: ثم نقول أنتم وشركاؤكم انتظروا مكانكم، واثبتوا وقفوا والزموا مكانكم، ومعنى ﴿شُرَكَاؤُكُمْ﴾ أي: الذين جعلتموهم شركاء في العبادة وفي أموالكم من الأوثان، كما قالوا: ﴿هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٦].
وقوله تعالى: ﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ جاء هذا على لفظ المضي بعد قوله ﴿ثُمَّ نَقُولُ﴾ وهو منتظر؛ لأن الكائن (١) يومًا في علم الله تعالى وقدره كالكائن الراهن (٢) الآن، وذكرنا نظير هذا في قوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ (٣) [الأعراف: ٤٤]. ومعنى (زيلنا) فرقنا وميزنا، ومنه قوله الفرزدق:

أنت الفداء لذكر عام لم يكن نحسًا ولا بين الأحبة زيلا (٤)
وأنشد المبرد فقال (٥):
سائل مجاور جَرْم هل جنيت لهم حربًا تُزيّل بين الجيرة الخُلُطِ (٦)
قال أبو إسحاق: هو (٧) من قولك [زلت الشيء عن مكانه أزيله،
(١) في (ى): (الكافرين)، وهو خطأ جلي.
(٢) ساقط من (ح) و (ز).
(٣) انظر تفسير الآية في "تفسير البسيط" ولم يذكر المؤلف هذا المعنى في تفسيرها.
(٤) "ديوان الحماسة" ٢/ ٥٥ غير منسوب، وبعده (وقال الفرزدق) فيبدو أن هذا سبب الخطأ في النسبة.
(٥) ساقط من جميع النسخ عدا (م)، وانظر إنشاد المبرد في "الكامل" ١/ ٢٧٣.
(٦) البيت لوعلة الجرمي كما في "الأغاني" ١٩/ ١٤٠. وجرم: هو جرم بن ربان بن حلوان، جد جاهلي من قضاعة، ينتسب إليه بنو جشم وبنو قدامة، وبنو عوف. انظر: "جمهرة الإنساب" ص ٤٥١، "اللباب" ١/ ٢٢٢.
(٧) في (ى): (هذا)، والضمير غير موجود في "معاني القرآن وإعرابه".


الصفحة التالية
Icon