فقال: قيل إن طائفة من المشركين قالوا: إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد، كيف يعلم بنا، فأنبأ الله -عز وجل- عما كتموه، ومعنى: ﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ أي: يعطفونها ويطوونها على عداوة محمد - ﷺ -، وفي الآية محذوف تقديره: يثنون صدورهم على عداوته أو على بغضه؛ لأنَّ ثنَي الصدر عطفُه على ما أضمره.
وقوله تعالى: ﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾، أي ليتواروا عنه ويكتموا عداوته؛ لئلا يظهروا (١) بعداوته، والهاء تعود على محمد - ﷺ -.
وقال الحسن (٢) ومجاهد (٣): يعني من الله، وهذا جهل منهم بالله -عز وجل-، فقال الله تعالى: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ قال قتادة (٤): وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا حتى صدره واستغشى ثوبه وأضمر ما كنه في نفسه.
وقال ابن الأنباري (٥): أعلم الله أن سرائرهم يعلمها كما يعلم مظهراتهم، فإن الذي يسترونه ويغيبونه ظاهر عند الله غير غائب عنه، وفي الآية قولان آخران (٦):

(١) في (ب): يظهر.
(٢) الطبري ١١/ ١٨٤، القرطبي ٩/ ٥، ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٠٠.
(٣) الطبري ١١/ ١٨٤، والثعلبي ٧/ ٣٣ ب، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٠٠، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٥٧٩، والبغوي ٤/ ١٦١، وابن عطية ٧/ ٢٤١.
(٤) الطبري ١١/ ١٨٤، ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٠٠، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٥٨٠، والثعلبي ٧/ ٣٣ ب، و"زاد المسير" ٤/ ٧٨، والقرطبي ٩/ ٦، وعبد الرزاق ٢/ ٣٠١.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٧٨. "البحر المحيط" ٥/ ٢٠٣.
(٦) ساقط من (ي).


الصفحة التالية
Icon