عباس (١) في رواية عطاء: من كان يريد تعجيل الدنيا فلا يؤمن بالبعث ولا بالثواب ولا (٢) بالعقاب، وهذا يدل على أن الآية نازلة في أهل الكفر.
وقال قتادة (٣): من كانت الدنيا همه وسدمه (٤) ونيته وطلبته، جازاه الله في الدنيا بحسناته، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يجازى بها، وأما المؤمن فيجازى في الدنيا بحسناته ويثاب عليها في الآخرة، واختار قوم (٥) هذا الوجه في النزول، وقالوا: الآية في الكفار بدليل الآية التي بعدها، وقالوا: المؤمن يريد الدنيا والآخرة، وإرادته الآخرة غالبة على إرادته الدنيا، وعلى هذا معنى الآية أن من أتى من الكافرين فعلاً حسناً من إطعام جائع، وكسوة عار، ونصرة مظلوم من المسلمين عجل له ثواب ذلك في دنياه؛ بالزيادة في ماله، والتوسعة عليه في الرزق، وإقرار العين فيما خول، وهذا معنى قول سعيد بن جبير (٦): ﴿نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾، قال: ثواب ما عملوا من خير أعطوا في الدنيا، وليس له في الآخرة إلا النار، فإذا جاء هذا الكافر في الآخرة رد منها على عاجل الحسرة؛ إذ لا حسنة لها هناك.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) الطبري ١٢/ ١٢، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٣/ ٥٨٥، والثعلبي ٧/ ٣٥ أ، وابن كثير ٢/ ٤٨١، ورواه الدارمي في المقدمة ١/ ٨١ عن الحسن.
(٤) السَّدَم -بفتحتين-: الولوع بالشيء واللهج به، وفي الحديث: "من كانت الدنيا همه وسدمه.. ". لسان العرب (سدم) ٤/ ١٩٧٦، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٦٠.
(٥) البغوي ٤/ ١٦٥، "زاد المسير" ٤/ ٨٤، الرازي ١٧/ ١٩٨، الثعلبي ٧/ ٣٥ ب.
(٦) الطبري ١٢/ ١١، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٣/ ٥٨٤ - ٥٨٥، و"المحرر الوحيز" ٧/ ٢٥٤، و"زاد المسير" ٤/ ٨٤.