القرآن [في التصديق] (١)، شاهد من الله وهو الإنجيل، قال الفراء (٢): ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ﴾ يعني الإنجيل يتلو القرآن، وإن كان قد (٣) أنزل قبله، يذهب إلى أن يتلوه بالتصديق، فعلى هذا جعله الإنجيل تاليا للقرآن في تصديق محمد - ﷺ -. وقال ابن الأنباري (٤): معنى يتلوه على هذا القول هو: أن الله تعالى ذكر محمدًا في الإنجيل وأمر بالإيمان به، فهو تال لمحمد - ﷺ - لهذا المعنى، وإن كان نزوله قبل مولده وزمانه.
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾، أي ومن قبل القرآن، أو من قبل محمد - ﷺ -، أو من قبل الإنجيل، وارتفع ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾ بمضمر بعده، تأويله: ومن قبله كتاب موسى كذلك، أي تلاه في التصديق على ما ذكرنا في الإنجيل، قاله ابن الأنباري (٥)، قال: ويجوز أن يكون رفعًا على أنه فاعل، أي ويتلوه كتاب موسى في التصديق.
وذكر أبو إسحاق (٦) أيضًا هذا الوجه فقال: ويكون ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾ عطفًا على قوله ﴿شَاهِدٌ مِنْهُ﴾ أي: وكان يتلوه ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾؛ لأن النبي - ﷺ - بشر به موسى وعيسى في التوراة والإنجيل. قال: ويجوز أن يكون المعنى: وكان من قبل هذا كتاب موسى دليلًا على أمر النبي - ﷺ -، قال: ونصب ﴿إِمَامًا﴾ على الحال لأن كتاب موسى معرفة.
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٦.
(٣) ساقط من (ي).
(٤) "زاد المسير" ٤/ ٨٦.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٨٧
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٣/ ٤٤.