وشهادة التوراة والإنجيل بصدقه، أشار إلى المؤمنين به، المتمسكين بما يوجد في التوراة والإنجيل والقرآن من صدقه ووضوح أمره، فكانت الإشارة إلى القوم الذين دلَّ ما تقدم على ذكرهم، والكناية في ﴿بِهِ﴾ تعود إلى محمد - ﷺ -.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ﴾، قال ابن عباس (١): يريد الذين كذبوا الأنبياء. والأحزاب: الفرق الذين كذبوا الأنبياء، سموا أحزابًا لأنهم تحزبوا على مخالفة أنبيائهم أي اجتمعوا.
وقال الفراء (٢): من الأحزاب أي من أصناف الكفار، فيدخل فيهم اليهود، والنصارى، والمجوس.
وقال قتادة (٣): هم اليهود والنصارى؛ يدلّ على صحة هذا ما روى سعيد بن جبير عن أبي موسى أن النبي - ﷺ - قال: "لا يسمع بي يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي، إلا كان من أهل النار" (٤)، قال أبو موسى: فقلت في
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٨.
(٣) الطبري ١٢/ ٢٠، و"زاد المسير" ٤/ ٨٨، وأخرجه أبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٥٨٧، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠١٦.
(٤) أخرجه أحمد ٤/ ٣٩٦، وأخرجه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٨/ ٢٦١، ٢٦٢، وقال: رواه الطبراني واللفظ له، وأحمد بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح، والبزار أيضًا باختصار. وأخرجه النسائي في "التفسير" ١/ ٥٨٥. وأخرجه الحاكم ٢/ ٣٤٢ من حديث ابن عباس مرفوعًا وصححه ووافقه الذهبي. وأخرجه مسلم (١٥٣) كتاب: الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - ﷺ - إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته من حديث أبي هريرة، والطبري ١٢/ ١٩ من طرق.