نفسي: إن النبي - ﷺ - لا يقول مثل هذا إلا عن (١) القرآن، فوجدت الله يقول: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾. قال صاحب النظم: لما قال: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾ دل ذلك على أن من يؤمن به فهو في الجنة؛ لأنه إذا أوجد الشيء بصفة وجب أن يوجد بضد تلك الصفة ضد ذلك الشيء.
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾، قال مقاتل بن سليمان (٢): الهاءان تعودان على القرآن، والمعنى فلا تك في مرية من القرآن إنه من الله، إن القرآن هو الحق من ربك [لا كما يقول المشركون من أنك تأتي به من قبل نفسك، قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (٣): فلا تك في مرية من أن موعد الكافر النار، إن ذلك هو الحق من ربك] (٤).
قال أبو بكر: فمن بني على هذا التأويل أعاد الهاءين على التعذيب؛ لأن قوله ﴿فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾ معناه: فهو معذب، فرجعت الهاء على معنى الكلام، وكان تلخيصها (فلا تك في مرية من تعذيبه؛ إن تعذيبه الحق من ربك)، ولا يستنكر رجوع الهاء على حرف غير مذكور إذا كان المذكور يدلّ عليه. وقال ابن قتيبة (٥): الخطاب في قوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ﴾ للنبي - ﷺ - والمراد به غيره.

(١) في (ب): (علي).
(٢) "تفسير مقاتل" ١٤٤ ب، "زاد المسير" ٤/ ٨٩.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٨٩، "تنوير المقباس" ١٣٩.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ي).
(٥) "تأويل مشكل القرآن" ٣٩٦.


الصفحة التالية
Icon