في أول الآية؛ لأنه ذهب إلى مخاطبة نوح وأصحابه، كما قال عزت أسماؤه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: ١] فجمع بعد التوحيد.
٢٨ - قوله تعالى: ﴿قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾، قال ابن عباس: يريد على يقين من ربوبية ربي (١) وعظمته، وروي عنه: على بصيرة ومعرفة (٢).
وقال أهل المعاني: عني بالبينة هاهنا: البرهان من جهة المعجزة التي تشهد بصحة النبوة، وخصهم بهذا في المناظرة؛ إذ هو طريق العلم بالحق، لا ما التمسوا من (٣) اختلاف الخلق في قولهم ﴿مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾.
قال ابن الأنباري (٤): ودخول الشرط في قوله ﴿إِن كُنتُ﴾ لا يوجب شكًا لحق النبي في أمره، لكن الشك لاحق للمخاطبين، وتلخيص الكلام: قل أرأيتم إن كنت على بينة من ربي عندكم، وفيما يصح من عقولكم وتقبله أفهامكم، فدخل الشرط في كلام (٥) النبي - ﷺ - لهذا الترتيب.
وقوله تعالى: ﴿وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ﴾، قال ابن عباس (٦): يريد النبوة، قال أبو بكر: وإنما جعلت رحمة؛ لأن الله عز وجل ينتاش (٧) بها الخلق
(٢) البغوي ٤/ ١٧١، "زاد المسير" ٤/ ٩٦، الطبري ١٢/ ٢٨، "مشكل القرآن وغريبه" ص ٢١٠.
(٣) في (ي): (أما).
(٤) "زاد المسير" ٤/ ٩٦.
(٥) ساقط من (ب).
(٦) "تنوير المقباس" /١٤٠، "زاد المسير" ٤/ ٩٧، القرطبي ٩/ ٢٥، ابن كثير ٢/ ٤٨٥.
(٧) في (ي): (ساتين). ومعنى ينتاش، من نوش، ومن التناوش أي التناول. مختار =