هذا كنى عن الدين بالصلوات؛ لأنها من الدين مما كانوا يرونه يفعلها تدينًا، والمعنى: أفي دينك الأمر بذا؟ وهو معنى قول الحسن (١)، ورُوي عن ابن عباس (٢) أيضًا أنه قال: كان شعيب كثير الصلاة (٣) لذلك قالوا هذا.
وقوله تعالى: ﴿أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾. قال الزجاج (٤): وهذا دليل (٥) على أنهم كانوا يعبدون غير الله -عز وجل-. قال صاحب النظم: قوله: ﴿أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ﴾ وليس للصلاة أمر ولا نهي، وهذا يحمل على أن تكون الصلاة (٦) سببًا للفعل المتصل بها، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: ٤٥] من أجل صلاته؛ لأن الصلاة من الإيمان والإيمان مانع منهما، فقد صارت الصلاة سببًا للامتناع منهما، فيصح على هذا الترتيب أن يقال: الصلاة مانعة من ذلك وآمرة به، وكذلك قوله: ﴿أَصَلَاتُكَ﴾ أي: من أجل أنك تصلي تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا، أي: صلاتك تحملك على ذلك؟ فلذلك جاز أن يضاف الأمر إليها، فأما قوله: ﴿تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ﴾ أوقع الأمر على شعيب وهو في المعنى واقع على قومه، والتأويل: أصلاتك تأمرك أن تأمرنا أن نترك، فلما ذكر معنى الأمر أولًا اقتصر عليه ولم يُعد ذكره.
(٢) الثعلبي ٧/ ٥٤ أ، البغوي ٤/ ١٩٥، "زاد المسير" ٤/ ١٤٩، القرطبي ٩/ ٨٧.
(٣) في (ي): (الصلوات).
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٧٢.
(٥) ساقط من (ب).
(٦) ساقط من (ب).