الأمر، كما تقول العرب: جعلتني خلف ظهرك ودبر أذنك، يريدون: جعلت أمري وحاجتي وكلامي.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ أي خبير بأعمال العباد حتى يجازيهم، في قول جميع المفسرين (١).
٩٣ - قوله تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾، المكانة الحال التي يتمكن بها صاحبها من عمله، قال ابن عباس: يريد اعملوا ما أنتم عاملون، وذكرنا هذا مستقصى في سورة الأنعام (٢). قال أهل المعاني: هذا تهديدٌ بصيغة الأمر، يقول: اعملوا على ما أنتم عليه، إني عامل على ما أنا عليه من طاعة الله، وسترون منزلتكم من منزلتي، وهذا معنى قوله: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾، وأسقط الفاء هاهنا من ﴿سَوْفَ﴾، وفي سورتي الأنعام [آية ١٣٥] والزمر [آية ٣٩] فسوف.
قال ابن الأنباري (٣): وهما مذهبان معروفان للعرب وكلاهما صواب في القياس، إذا دخلت الفاء دلت على اتصال ما بعدها بما قبلها، وإذا سقطت بني الكلام على التمام، والذي بعده على الابتداء؛ كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا﴾ [البقرة: ٦٧] معناه: (فقالوا)، فحذفت (٤) الفاء بناء على تمام (٥) ما قبلها واستئناف ما بعدها، وإنما يمكن هذا في القرآن والشعر؛ لتطاول القصص والأخبار فيهما، فأما الألفاظ
(٢) آية ١٣٥. وخلاصة ما ذكره ما نقله ابن عباس هنا.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ١٥٣.
(٤) في (ي): حذفت.
(٥) في (ي): إتمام.