وقال كعب بن مالك الشاعر -وكان أحد الثلاثة الذين تخلفوا بغير عذر-: (ما هذا من تخلفنا إنما هو تأخير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا) (١) لثير بذلك إلى قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٠٦].
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾ قال المفسرون: (ضيق الأرض عليهم بأن المؤمنين منعوا من كلامهم ومعاملتهم، وأمر (٢) أزواجهم باعتزالهم، وكان النبي - ﷺ - معرضًا عنهم، إلى أن أنزل الله توبتهم وأمر بالرجوع لهم بعد خمسين يومًا (٣)) (٤)، ومعنى ضاقت الأرض بما رحبت ذكرناه في هذه السورة (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ يعني ضيق صدورهم بالهم الذي حصل فيها، قال ابن عباس: (يريد من الوحشة) (٦)، يعني حين لم يكلمهم أحد من المؤمنين، وقوله تعالى: ﴿وَظَنُّوا﴾ أي أيقنوا ﴿أَ {أَنْ لَا مَلْجَأَ﴾ معتصم من الله إلا به (٧)، أي من عذاب الله إلا به.
(٢) في (م): (وأمروا).
(٣) في (ى): (ليلة).
(٤) انظر: "تفسير هود" ٢/ ١٧٤، والماوردي ٢/ ٤١٣، وابن الجوزي ٣/ ٥١٣، والرازي ١٦/ ٢١٨.
(٥) يعني عند قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَت﴾ [التوبة: ٢٥].
(٦) لم أقف عليه.
(٧) هكذا في جميع النسخ، ولذا لم أجعل الجملة من القرآن، وتفسير المؤلف للجملة يوحي أنه يريد قول الله تعالى: (من الله إلا إليه) وعبارته في "الوسيط": (لا ملجأ) لامعتصم (من الله) من عذاب الله (إلا إليه) إلا به.