وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ تحتمل وجهين:
أحدهما (١): أن تكون الكاف منصوبة بالتمكين، وذلك إشارة إلى ما تقدم. يعني به: ومثل ذلك الإنعام الذي أنعمنا عليه في تقريبنا إياه من قلب الملك، وإنجائنا إياه من غم الحبس مكنا له في الأرض.
الوجه الثاني: أن (كذلك) بجملته في موضع نصب بالتمكين، وتأويله:
وهكذا، وهو إشارة إلى ما بعده، تقديره: وفي هذا الوقت مكنا له في الأرض. وعلى هذا الآية مستأنفة، وعلى الوجه الأول: الآية موصولة بما قبلها.
وقوله تعالى (٢): ﴿مَكَّنَّا لِيُوسُفَ﴾ أي أقدرناه على ما يريد برفع الموانع، هذا معنى التمكين من الشيء، ومضى الكلام في هذه اللام التي في قوله "ليوسف" عند قوله ﴿مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ (٣) وقوله ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ قال ابن عباس (٤): يريد أرض مصر.
وقوله تعالى: ﴿يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ﴾ هذا تفسير لقوله ﴿مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ لأن معنى التمكين في الأرض: أن يكون هذه الصفة يتبوأ حيث يشاء، و (يتبوأ) في موضع نصب على الحال تقديره: مكناه متبوئًا (٥).

(١) انظر: "زاد المسير" ٤/ ٢٤٥، الرازي ١٨/ ١٦٣.
(٢) (تعالى) ساقط من (ب).
(٣) الأنعام: ٦. وقال هناك: لم قال (ما لم نمكن لكم) ولم يقل نمكنكم، وهما لغتان تقول العرب: مكنته ومكنت له، كما تقول: نصحته ونصحت له، اهـ.
(٤) "تنوير المقباس" ص ١٥١.
(٥) الرازي ١٨/ ١٦٣.


الصفحة التالية
Icon