وقوله تعالى: ﴿تَرَوْنَهَا﴾ فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه كلام مستأنف، والمعنى رفع السموات بغير عمد، ثم قال ﴿تَرَوْنَهَا﴾ أي: وأنتم ترونها كذلك مرفوعة بلا عمد (١).
قال ابن الأنباري (٢): أفاد بقوله "ترونها"، أنهم يرونها بلا دعامة ترفعها، ولا شيء يمسكها من الوقوع، أي الذي تشاهدون من هذا الأمر العظيم وتعاينونه بأبصاركم يغنيكم عن الإخبار وإقامة الدلائل، "فترونها" على هذا القول، خبر مستأنف، قال: ويجوز أن يكون ترونها متعلقًا بالسموات، والباء من صلته، وتلخيصه: (ترونها) بغير عمد، فالباء معناها التأخير بعد الرؤية، و"ترونها" على هذا في موضع نصب في التقدير على الحال من "السموات". لو صرف إلى الدائم لقيل: رأيتها (٣) أنتم بغير عمد، وإذا جعلناه خبرًا مستأنفًا غير متعلق بالباء، كان الباء من صلة الرفع، وقد حصل في "ترونها" قولان، وهذا على قول من يقول: إن الله تعالى (٤) خلق السموات بلا عماد من تحتها.
وهو قول ابن عباس (٥) فيما روى جويبر عن الضحاك عنه قال: يعني ليس من دونها دعامة، ولا فوقها علاقة، وهو قول قتادة (٦) وإياس بن
(٢) "الأضداد" ص ٢٦٨، و"الوقف والابتداء" ٢/ ٧٣٠، ٧٣١، و"زاد المسير" ٤/ ٣٠١.
(٣) كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب (رأيتموها).
(٤) (تعالى): ساقطة من (ج).
(٥) الثعلبي ٧/ ١٩٩ ب.
(٦) الطبري ١٣/ ٩٤، وعبد الرزاق ٢/ ٣٣١، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٦٠١.