الفراء (١) والزجاج (٢) وأبي بكر، وقال الزجاج في (٣) نظم هذه الآية في سورة لقمان: من قال بعمد ترونها، يكون معنى (العمد) قدرته التي يمسك بها السموات والأرض، وهي غير مرئية.
وقوله تعالى ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ أي بالاستيلاء والاقتدار، ونفوذ السلطان، وأصله استواء التدبير، كما أن أجل القيام الانتصاب، ثم قال قائم بالتدبير، والمعنى: ثم استوى على العرش بالتدبير، للأجسام الذي قد كوّنها، فقوله ﴿ثُمَّ﴾ يدل على حدوث التدبير، والكلام في معنى الاستواء ماض بالاستقصاء في سورة البقرة (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ معنى التسخير التذليل، قال أبو إسحاق (٥): كل مقهور مدبّر لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر، فذلك مسخّر، وقال غيره (٦): أصله: سخرت السفينة، إذا أطاعت وطاب لها

(١) "معاني القرآن" ٢/ ٥٧.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣٦.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٥.
(٤) عند قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٩]، وخلاصة ما ذكره أن للاستواء معاني، منها:
١ - أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته.
٢ - أن يستوي من اعوجاج.
٣ - بمعى أقبل.
٤ - بمعنى عمد وقصد.
٥ - صعد.
٦ - استولى.
٧ - علا.
وقد رجح تأويل الاستواء على كل حال وقصد نفي الصفة كما هو مذهب الأشاعرة. وقد تقدم التعليق على ذلك مرارًا.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣٦.
(٦) نقله في "التهذيب" (سخر) ٢/ ١٦٥٠ عن الليث.


الصفحة التالية
Icon