لأنه كان كما عامر جادلا رسول الله - ﷺ - فهم جماعة، وإن صرفت الجدال إلى أربد وعامر جاز؛ لأن العرب قد توقع الجمع على الواحد وعلى التثنية، ومضت لذلك نظائر.
قال أبو إسحاق (١): وجائز أن يكون الواو استئنافًا كأنه لما تمم أوصاف ما يدل على قدرته، قال بعد ذلك: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ﴾ قال ابن عباس (٢): يريد يكذبون بعظمة الله.

= فقال: "ارجع إليه"، فرجع إليه فأعاد عليه القول الأول، فرجع فأعاده الثالثة، فبينما هما يتراجعان الكلام بينهما، إذ بعث الله سحابة حيال رأسه فرعدت وأبرقت، ووقع منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله تعالى ت ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾. الطبري ١٣/ ١٢٦، و"الدر المنثور" ٤/ ٩٩، و"مجمع الزوائد" ٧/ ٤٢، وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى والبزار بنحوه، ورواه الطبراني في "الأوسط"، ورجال البزار رجال الصحيح غير ديلم بن غزوان وهو ثقة، وفي رجال ابن أبي يعلى والطبراني علي بن أبي سارة وهو ضعيف.
وقد علَّق عليه أحمد شاكر بتوثيق رجاله إلا علي بن أبي سارة الشيباني، ويقال له: علي بن محمد بن سارة، شيخ ضعيف الحديث، قال البخاري: ففي حديثه نظر، وقال أبو داود: ترك الناس حديثه، وقال ابن حبان: غلب على روايته المناكير فاستحق الترك، وقال العقيلي: علي ابن أبي سارة عن ثابت البناني، لا يتابع عليه، ثم روى له عن ثابت، عن أنس قوله تعالى: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ﴾ ثم قال: ولا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو قريب منه.
قال أحمد شاكر: فهذا إسناد ضعيف جدًّا. اهـ."حاشية الطبري" ١٦/ ٣٩٢، ٣٩٣، وقد وردت أحاديث أخرى قريبة من هذا في الطبري ١٣/ ١٢٥ - ١٢٦، و"الدر المنثور" ٤/ ٩٩.
فالذي يظهر لي أن الواحدي جمع بين الحديثين والله أعلم.
وقد تابعه على ذلك نقلاً، عنه: الرازي ١٩/ ٢٦، ٢٧.
وانظر: "زاد المسير" ٤/ ٣١٤، ٣١٥، والبغوي ٤/ ٣٠٤، و"الكشاف" ٢/ ٣٥٣.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٣.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ٣١٥.


الصفحة التالية
Icon