هي المشبهة الصواب، ولن يقدر أحدٌ أن يوجدنا استعمال العرب المثل بمعنى الصفة في كلامهم. والذين قالوا: المثل هاهنا بمعنى الصفة، قوم من رواة اللغة غير مدفوعي القول إذ رووا شيئًا عن أهل اللغة، ولم يقولوه من جهة النظر والاستدلال، وقولهم: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾ صفة الجنة، لم يرووه عن (١) رواية، إنما قالوه متداولين (٢)، ولم يرووه عن أهل اللسان ولا أسندوه إليهم، فهذا امتناعه من جهة اللغة، ولا يستقيم أيضًا من جهة المعنى، ألا ترى أن (مثل) (٣) إذا كان بمعنى الصفة كان تقدير الكلام: صفة الجنة فيها أنهار، وهذا قول غير مستقيم؛ لأن الأنهار في الجنة نفسها، لا في صفتها، وصفتها لا يجوز أن يكون فيها أنهار، وأيضًا فإنه إذا احتمل المثل على معنى الصفة، وأجري في الإخبار عنه مجراها، وأنِّث الراجع إليه الذي هو "فيها" في سورة محمد - ﷺ -، و ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ في هذه السورة، فقد حمل الاسم على المعنى فأنّث، وهذا قبيح ضعيف يجيء في ضرورة الشعر. نحو: "ثلاث شخوص" (٤) (٥)، عشر

(١) (عن) ساقط من: (ب).
(٢) في "الإغفال" ٢/ ٩١٤: (متأولين).
(٣) في "الإغفال" ٢/ ٩١٤: (أن مثلاً).
(٤) (شخوص) ساقط من (ج).
(٥) هذه قطعة من بيت لعمر بن أبي ربيعة، والبيت بتمامه:
فكان مجني دون من كنت أتقي ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
انظر: سيبويه ٢/ ٢٠٤، و"الخصائص" ٢/ ٤١٧، والأشموني: ٣/ ٦٣٠، و"ديوانه" ١/ ٣ ط. أوربا، و"المذكر والمؤنث" للمبرد ص ١٠٨ - ١١٣، و"الإنصاف" ص ٦١٩، و"أوضح المسالك" ص ٢٤٨، ٢٥٠، و"المقتضب" ٢/ ١٤٨، و"المخصص" ١٧/ ١١٧، ٩/ ٤، و"الخزانة" ٣/ ٢١٣.


الصفحة التالية
Icon