أبطن (١)، وإذا كان كذلك لم يسع (٢) الحمل على ما قالوه، ولأن خبر المبتدأ لا يخلو من أن يكون المبتدأ في المعنى، أو يكون له فيه ذكر، وليس قوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ من أحد الخبرين، فلم يكن خبر المبتدأ ما ذكروه، ولكن ما ذهب إليه سيبويه (٣) من أن المعنى: فيما نَقُصُّ عليكم مثل الجنة، فقال قوم: قوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ خبر عن المضاف إليه، وهو الجنة، يرى الخبر عن المضاف الذي هو مثل، ومثل ذلك جائز في الكلام، كقوله (٤):

لو أن عُصْمَ عَمَايَتَيْن ويَذْبُل سَمِعَا حديثَكِ أنْزَلا الأوْعَالا (٥)
فأخبر عن العمايتين بقوله: سمعا، ولم يخبر عن العُصْمِ. قال أبو علي: لا يجوز أن يُذْكر اسمٌ ولا يخبر عنه، ويترك متعلقًا (٦) مضربًا عن
(١) هذه قطعة من بيت لرجل يقال له النواح من بني كلاب، والبيت بتمامه:
فإن كلابًا هذه عشر أبطن وأنت بريء من قبائلها العشر
"المخصص" ١٢/ ١٥٤، وسيبويه ٢/ ٢٠٣، و"المذكر والمؤنث" للمبرد ص ١٠٨، و"العين" ٤/ ٤٨٤.
(٢) في (ج): (يسمع).
(٣) انظر: "الكتاب" ١/ ٩٠.
(٤) البيت لجرير بن عطية الخطفي.
انظر: "ديوانه" ص ٣٦٠، طبعة نعمان وفيه: (سمعت حديثك أنزل الأوعالا)، شرح ابن يعيش: ١/ ٤٦، و"المخصص" ٨/ ١٦٨ غير منسوب، و"الأشباه والنظائر" ٥/ ٦٥، و"أمالي ابن الحاجب" ٢/ ٦٦٠، و"سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٦٢، و"همع الهوامع" ١/ ٤٢.
(٥) في (ج): (الأومالا).
(٦) في "الإغفال" ٢/ ٩١٨: (معلقًا).


الصفحة التالية
Icon