لقول امرئ القيس (١):
إنما نُحَاوِلُ مُلْكًا أو نَمُوتَ فنُعْذَرَا
المعنى: إلا أن نموت وحتى نموت، فكان يجب على هذا أن تكون (أو تعودوا) (٢)، غير أنه غلب ظاهر الكلام، ونُقل ﴿لَتَعُودُنَّ﴾ عن لفظ الشرط إلى لفظ اليمين، وأُشرك بينه وبين الذي قبله في اللفظ وإن كان مخالفه في المعنى؛ كما قالوا: لو تُرك عبد الله والأسدَ لأكله، فنصبوا الأسد لأنه مخالف الأول، ورفعه بعضُهم بالنَّسق (٣) للتسوية بين اللفظين والمعنيان مختلفان حين أُمن اللبس والإشكال، وقال تعالى: ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ [الفتح: ١٦]، فعطف يُسْلِمون على تقاتلون تغليبًا للَّفظ (٤)، والآخر على المعنى (٥)، وهذا الذي ذكرنا كله كلامُ أبي بكر، وهو شرح ما ذكره

= هو الأصل، ولا يُصار إلى المعاني الأخرى إلا عند تعذُّر حملها على المعنى الأصلي، أو وجود قرينة صارفه وداعية.
(١) وصدره بتمامه:
فقلتُ لهُ لا تبْك عينُك إنما
"ديوانه" ص ٦٤، وورد في "الكتاب" ٣/ ٤٧، و"الصاحبي في فقه اللغة" ص ١٧١، و"شرح المفصّل" ٧/ ٢٢، و"الدرالمصون" ٩/ ٧١٣، وورد بلا نسبة في "الخصائص" ١/ ٢٦٣، و"رصف المباني" ص ٢١٢، و"شرح الأشموني" ٣/ ٥٢٧، والبيت من قصيدة قالها لعمرو بن قميئة اليشكري حين استصحبه في مسيره إلى قيْصر، والشاهد: قوله (أو نموت) حيث نصب الفعل المضارع لإضمار (أنْ)، و (أو) بمعنى: (إلا).
(٢) أي اللفظة القرآنية لو كان في غير القرآن (أو تعودوا) بدلاً من ﴿لَتَعُودُنَّ﴾.
(٣) أي بالعطف.
(٤) لأن المعنى مشترك بين الأمرين؛ أي يكون هذا، أو يكون هذا، كانه قيل: يكنْ قتال أو إسلام. انظر: "الكتاب" ٣/ ٤٧، و"المقتضب" ٢/ ٢٧، و"الدر المصون" ٩/ ٧١٣.
(٥) أي الوجه الآخر للرفع، رفعه على الاستئناف، كأنه قال: تقاتلونهم أو هم =


الصفحة التالية
Icon