توارى عنك؛ أي: ما اسْتَتَر عنك (١) فعلى هذا إنما قيل (من ورائه) لما بين يديه؛ لاستتاره عنه، فصار كما يكون خلفه لمّا كان لا يراه. وذهب قوم إلى أن الوراء من الأضداد؛ يكون الخلف والقُدَّام (٢)، وهو قول أبي عبيدة (٣)، وابن السِّكِّيت (٤)، وأبي الهيثم (٥).
قال أهل المعاني: وإنما جاز ذلك (٦) لأنه ما من مكان إلا ويصح أن يكون خلفًا وقدامًا، ولمّا (٧) كان ما هو خلف يجوز أن يصير قدامًا، جاز أن يقع الوراء على القُدَّام (٨)، ومن هذا قوله تعالى: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾

(١) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٥٦ بنصه.
(٢) انظر: "ثلاثة كتب في الأضداد" للأصمعي ص٢٠، والسجستاني ص ٨٢، و"الأضداد" لابن الأنباري ص ٦٨، و"تأويل مشكل القرآن" ص ١٨٩، و"جمهرة اللغة" ١/ ٢٣٦، وقد أنكر الزجاج والنحاس أن تكون وراء من الأضداد، ورجحا أن تكون بمعنى الاستتار، وهو ما ذهب إليه ثعلب؛ فقد سئل لم قيل الوراء للأمام، فقال: الوراء اسم لما توارى عن عينك، سواءً أكان أمامك أم خلفك.
"معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٥٧، و"معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٥٢٢، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٥٢، و"تفسير الشوكاني" ٣/ ١٤٣.
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٢٣٧ بنحوه.
(٤) "الأضداد" لابن السكيت "ثلاثة كتب في الأضداد" ص ١٧٥، وانظر (ورى) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٧٩.
(٥) ورد في "تهذيب اللغة" (ورى) ٤/ ٣٨٧٩ بنحوه، وأبو الهيثم هو: الرازي، تقدمت ترجمته.
(٦) أي كون (وراء) ميت الأضداد.
(٧) في (أ)، (د): (إنما)، والمثبت من (ش)، (ع).
(٨) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٧ بنحوه، و"معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٣٠٥ بنحوه، وانظر: "الأضداد" للجسستاني "ثلاث كتب في الأضداد" ص ٨٢، و"الأضداد" لابن الأنباري ص ٦٨.


الصفحة التالية
Icon