عين الموت ثم لا يموت، وقد قال الله: ﴿وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾.
والمعنى: أن الله تعالى حبس نفس الكافر في جسده على اجتماع آلام الموت وأفانِينِه (١) عليه ليصل إليه الألم، ومع ذلك لم يفارقه الروح فيستريح، الوجه الثاني: أنه أراد بالموت هاهنا: موت الضُّر والبلاء؛ كما يقال: فلان ميت مما لحقه، ومات فلان موتات بما أباح (٢) عليه من البلية؛ يعني: إنه كالميت وإن كان فيه روح، كما ورد في الحديث: "إن الفقر مكتوب عند الله الموت الأعظم" (٣) وقد قال الشاعر (٤):

ليس مَنْ مَاتَ فاسْتَرَاحَ بمَيتٍ إنَّما الميتُ ميتُ الأحْيَاءِ
إنَّما الميتُ مَنْ يَعيشُ كَئِيبًا كاسِفًا بَالُهُ قَلِيلَ الرَّخَاءِ (٥)
فجعله ميتًا، وهذا قول أبي بكر، وهو معنى قول الأخفش؛ يعنىِ: البلايا التي تصيب الكافر في النار (٦).
(١) ضُرُوبه وأنواعه. المحيط في اللغة (فن) ١٠/ ٣١٥.
(٢) البَوْحُ: ظهور الشيء، وباحَ الشيء: ظهر، وأباح الشيء: أطلقه "اللسان" (بوح) ١/ ٣٨٤.
(٣) لم أجده بلفظه ولا بمعناه فيما تيسر لي من المراجع.
(٤) هو عدي بن الرَّعْلاء الغساني (شاعر جاهلي).
(٥) ورد البيتان معاً في "الأصمعيات" ص ١٥٢، و"معجم الشعراء" ص ٧٧، شرح شواهد "المغني" ١/ ٤٠٥، وورد البيت الأول فقط في "البيان والتبيان" ١/ ١٢٤، و"الحيوان" للجاحظ ٦/ ١٣٥، و"العقد الفريد" ٥/ ٤٧٦، و"الاشتقاق" ص ٥١، و"أمالي ابن الشجري" ١/ ١٢٤، و"شرح المفصل" ١٠/ ٦٩، و"الخزانة" ٦/ ٥٣٠، ورواية "معجم الشعراء" (الرخاء) بالخاء، وفي باقي المصادر (الرجاء) بالجيم، ولا يختلف المعنى، (كاسفاً): سيئاً حاله، وقد ورد اليتان في شأن من تدعه الحرب سليماً معافى في ثياب من الذل والخزي، فحياته ليس إلا موتًا.
(٦) ليس في معانيه، وقد ورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٤٨ ب بنصه، وانظر: "تفسير =


الصفحة التالية
Icon