وقال زهير يصف ناقة:

كأنّ الرَّحْلَ منها فَوقَ صَعْلٍ من الظِّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَواءُ (١)
أي لا قلب في صدره فهو خال، وذهب آخرون إلى أن معنى الآية: أن قلوبهم عما ذهلوا من الفزع خلت عن العقول، وهو معنى قول ابن عباس في رواية العوفي، وبه قال مجاهد، ومُرَّة، وابن زيد، واختاره الأخفش؛ فقال في قوله: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ أي جَوْفٌ لا عقول لها ولا خير فيها (٢)، وعلى هذا القول، المراد بالأفئدة: القلوب، وهو الصحيح في اللغة (٣)، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: ٣٦] يعني القلب، وقال امرؤ القيس:
رَمَتْني بسَهْمٍ أصابَ الفُؤادَ غداةَ الرَّحِيل فلم أشهر
يعني أصاب قلبي، الأزهري: ولم أرهم يفرقون بينهما (٤)، ويحتاج
(١) "شرح ديوان زهير" ص ٦٣، وورد البيت في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٦٦، مع اختلاف يسير في كلمتين: (الظلماء) و (جؤجؤها)، و"معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٥٤٠، و"تفسير الثعلبي" ٧/ ١٥٩ ب، والزمخشري (٢/ ٣٠٧ (عجزه))، وابن عطية ٨/ ٢٦٢، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٣٧٨، وأبي حيان ٥/ ٤٣٠، و"الدر المصون " ٧/ ١٢٣. (الرحْل) ما يوضع على ظهر البعير للركوب عليه، (الصَّعْل) الدقيقُ الحُنُق الصغيرُ الرأس، (الظلمان) جمع ظليم وهو ذَكَر النَّعام، (جؤجؤه) صدره، (هواء) لا مخَّ فيه، وقال الأصمعي: جؤجؤه هواء: أي أنه مُنْتَخَبُ العقل [أي جبان] وإنما أراد أنه لا عقل له، وكذلك الظَّليمُ هو أبداً كأنه مجنون.
(٢) لم أجده في معانيه، وورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٥٩ ب بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" ٤/ ٣٥٩.
(٣) وهذا القول هو الذي رجحه الطبري ١٣/ ٢٤١، وأيَّده ببيت حَسَّان السابق.
(٤) لم أجده في "تهذيب اللغة"، وكلامه هذا يتناقض مع استشهاده بحديث: (أتاكم أهل اليمن)؛ حيث فرق بين القلب والفؤاد، إلا أن يكون هذا من كلام الواحدي =


الصفحة التالية
Icon