٤٦ - قوله تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ﴾ [يعني مكرهم بالنبيّ - ﷺ - وما همُّوا به من قتله أو نفيه (١). ﴿وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ﴾ (٢) أي قد عرف الله مكرهم، وهو عالم به لا يخفى عليه ما فعلوا، فهو يجازيهم عيه، وقال أبو علي: وعند الله جزاءُ مكرِهم فحذف المضافَ كما حُذف من قوله: ﴿تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ﴾ [الشورى: ٢٢] أي: جزاؤه.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ (إن) هاهنا يعني بها: ما، واللام المكسورة بعدها يعني بها الجحد، ومن سبيلها نصبُ الفعل المستقبل، والنحويون يسمونها لام الجحود (٣)، ومثله قوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُم﴾، و ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ﴾ [آل عمران: ١٧٩] والجبال هاهنا مَثلٌ لأمر النبيّ - ﷺ - وأمرِ دين الإسلام وأعلامِه ودلالتِه، على معنى أن ثبوته كثبوت الجبال الراسية؛ لأن أدته تعالى قد وعد نبيه - ﷺ - إظهار دينه على كل الأديان، ويدل على صحة هذا المعنى قوله بعدُ: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ أي (٤): فقد وعدك الظهور عليهم والغلبة لهم ومعنى الآية:
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ش)، (ع).
(٣) هي لام زائدة بعد كون منفي -كان يكون- فينُصبُ المضارعُ بعدها بـ (أنْ) المضمرة، وهي حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، ويسميها سيبويه (لأم النفي) ولها عدة شروط.
انظر: "المغني" ص ٢٧٨، و"الشامل" ص ١٩٦، و"معجم القواعد العربية" للدقر ص ٤٠٠.
(٤) ساقطة من (ش)، (ع)، وهي ثابتة في المصدرة "الحجة للقراء" ٥/ ٣٣.