كأنه في هذا الوجه أيضًا حكاية حال، ألا ترى أنه لم يكن بَعْدُ، انتهى كلامه. (١) وقد تلي (ربما) الأسماءُ، وكذلك (ربتما)، أنشد ابن الأعرابي (٢):

ماويَّ يَا ربَّتَما غارةٍ شَعْواءَ كاللَّذْعةِ بالِمِيسمَ (٣)
وإن قيل لِمَ (٤) لَمْ تكف (ما) (رب) عن العمل كما كفت (إنّ) في قولك: إنما الله، وإنما زيد؟! قيل الفرق بينهما أن (إنّ) حرف الابتداء، فلما سُلب العمل بالكف لم يبق للجملة معنى سوى الابتداء، وحق الابتداء الرفع، ومعنى (رب) وهو التقليل موجود في الاسم كل حال، دخل عليه (ما) أو لم يدخل فتبَيَّن أثره في الاسم، فأما قراءة من قرأه ﴿رُبَمَا﴾ بالتخفيف (٥)؛ فلأنه حرف مضاعف، والحروف المضاعفة قد تحذف
(١) "الحجة للقراء" ٥/ ٣٩ بنصه.
(٢) والبيت لضمرة بن ضمرة النهشلي (جاهلي).
(٣) ورد البيت منسوباً في: "نوادر أبي زيد" ص ٢٥٣، "المعاني الكبير" ٢/ ١٠٠٥، "الخزانة" ٩/ ٣٨٤. وورد غير منسوب في "تهذيب اللغة" (ماء) ٩/ ٣٣١٤، ٩/ ٣٨١٤ (رب) ٢/ ١٣٣٩، (موا) ٤/ ٣٤٦٧، "الحجة للقراء" ٥/ ٣٥، "الإنصاف" ص٩٠، "شرح المفصل" ٨/ ٣١، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ٤١٣، "اللسان" (ربب) ٣/ ١٥٥٢، "الخزانة" ١١/ ١٩٦، ورواية "النوادر والمعاني" و"الحجة" و"الأمالي": (بل ربتما). (ماويّ): أراد ماويّ؛ من أسماء النساء، فرخَّم، (الشعواء) الغارة الكثيرة المنتشرة؛ أراد الخيل التي تغير، (المِيسم) ما يوسم به البحير بالنار.
(٤) في (أ)، (د): (لو)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح لاستقامة المعنى به.
(٥) هما نافع وعاصم. انظر: "السبعة" ص ٣٦٦، "إعراب القراءات السبع" ١/ ٣٣٩، "علل القراءات" ١/ ٢٩٣، "الحجة للقراء" ٥/ ٣٥.


الصفحة التالية
Icon