وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ يقال: جُنّ فلان فهو مجنون، وقد أجَنّه الله، وبه جنون وجِنّة ومَجِنّة، وأصله من الستر، ومنه قيل للنبت الملتف مجنون؛ لأن بعضَه يستر بعضًا (١)، وهذا الحرف مذكور فيما سبق.
٧ - وقوله تعالى: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ قال الفراء والزجاج: (لولا) و (لوما) لغتان معناهما: هلا (٢)، وذمنا الكلام في (لولا) قبل هذا، و (لوما) لغة فيه، ويستعملان في الخبر والاستفهام، فالخبرُ مِثلُ قولِك: لولا أنت لفعلت كذا، ومنه قوله: ﴿لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٣١] والاستفهام كقوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٨] وكهذه الآية، هذا قول الفراء، قال: (ولوما) الميم فيه بدل من اللام في (لولا)، ومثله: استولى على الشيء، واستومى عليه (٣)، ومثله ماحكاه الأصمعي من قولهم: خالَمْته وخالَلْتُه، إذا صادقته، وهو خِلِّي وخِلْمي (٤)، وقال عبيد:

لَوْمَا على حُجْرِابْنِ أُم قَطَامِ تَبْكِي لا عَلَيْنا (٥)
(١) "جمهرة اللغة" ١/ ٩٢، و (جنن) في: "لمحيط في اللغة" ٦/ ٤٠٩، "الصحاح" ٥/ ٢٠٩٣.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٤ بنحوه، "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بمعناه، وانظر: "معاني الحروف" للرماني ص ١٢٤.
(٣) لم أقف على مصدره، وورد في "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٤.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" (ولي) ٤/ ٣٩٥٨ بنصه، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، "اللسان" (ولي) ٨/ ٤٩٢٤، "الدر المصون" ٧/ ١٤٤.
(٥) ورد في: "الشعر والشعراء" ص ١٦٦، و"الأغاني" ٢٢/ ٨٨ برواية ليس فيها الشاهد، وهي:
هلاَّ على حُجرِ ابن أُمِ.... قَطَامِ تبكي لا علينا


الصفحة التالية
Icon