وجواب قوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ﴾ محذوف، تقديره: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾ بعثنا ﴿لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾، ودل عليه ما تقدم، من قوله: ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا﴾ فَحُذف لتقدم ذكره، ولأنه جواب (إذا) وشرطها يقتضيه، فحُذف للدلالة عليه، قاله الفراء (١) وأبو علي (٢) وصاحب النظم.
= يقبل الجدل أن الإفسادة الأولى هي التي سلط عليهم بها بختنصر، فهي الإفسادة التي رافقها بغي وطغيان وعتو، ثم قال: فهل الإفسادة الثانية هي ما نراه الآن؟ إذ لهم دولة وسلطان، وإفساد وطغيان.. وبعد مناقشات رجح أن الإفسادة الثانية هي الآن، فقال: والآن إفسادهم في الأرض كلها معروف، وسيطرتهم الخفية على بعض بلدان العالم معروفة، واجتمع لهم سلطان ودولة. انظر: "الأساس في التفسير" ٦/ ٣٠٣٧، وعلى هذا القول يكون مكان الإفسادتين بيت المقدس أيضًا.
القول الثالث: أن الفسادين وقعا بعد بعثة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ونزول القرآن؛ فالأول وقع إبان بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- والثاني هو الحالي، قاله أيضًا بعض المعاصرين؛ يقول الشيخ سعيد حوى: ويمكن أن نفهم المسألة فهمًا آخر؛ بأن نعتبر الإفسادة الأولى هي محاولتهم الوقوف في وجه الدعوة الإِسلامية، وتسليط الله المسلمين عليهم وعلى ديارهم حول المدينة المنورة، والإفسادة الثانية هي الإفسادة الحالية، ويكون المسلمون الذين غلبوهم أول مرة هم الذين سيغلبونهم المرة الثانية، إذا اجتمع لهم العبودية لله والبأس الشديد. انظر: "الأساس في التفسير" ٦/ ٣٠٤٠.
وقد انتصر الدكتور صلاح الخالدي للقول الثالث، بل لم ير غيره، وناقش قول القدامى ورد عليه، وأهم منطلقاته أن قول القدامى اعتمد على الإسرائيليات وعلى روايات تاريخية لم تثبت تاريخيًا ولا علميًا، ودلل على أن إفسادهم الأول المقرون بالعلو الكبير لم يكن أثناء وجودهم في بيت المقدس، إنما كان أول إفساد لهم مقرونًا بالعلو الكبير بالحجاز قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعدها، وذكر صورًا من مظاهر إفسادهم الأول، ثم دلل على أن الإفسادة الثانية هي الحالية بتحليل مفردات الآية السادسة ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ..﴾، والاستدلال بواقعهم المعاصر الذي وصلوا فيه الذروة في العلو الكبير. انظر: "حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية" (١٥٠ - ١٩٠)، و"الشخصية اليهودية من خلال القرآن" (٣٢٧ - ٣٤٩).
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٦، بنحوه.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٨٦ بنصه تقريبًا.
القول الثالث: أن الفسادين وقعا بعد بعثة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ونزول القرآن؛ فالأول وقع إبان بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- والثاني هو الحالي، قاله أيضًا بعض المعاصرين؛ يقول الشيخ سعيد حوى: ويمكن أن نفهم المسألة فهمًا آخر؛ بأن نعتبر الإفسادة الأولى هي محاولتهم الوقوف في وجه الدعوة الإِسلامية، وتسليط الله المسلمين عليهم وعلى ديارهم حول المدينة المنورة، والإفسادة الثانية هي الإفسادة الحالية، ويكون المسلمون الذين غلبوهم أول مرة هم الذين سيغلبونهم المرة الثانية، إذا اجتمع لهم العبودية لله والبأس الشديد. انظر: "الأساس في التفسير" ٦/ ٣٠٤٠.
وقد انتصر الدكتور صلاح الخالدي للقول الثالث، بل لم ير غيره، وناقش قول القدامى ورد عليه، وأهم منطلقاته أن قول القدامى اعتمد على الإسرائيليات وعلى روايات تاريخية لم تثبت تاريخيًا ولا علميًا، ودلل على أن إفسادهم الأول المقرون بالعلو الكبير لم يكن أثناء وجودهم في بيت المقدس، إنما كان أول إفساد لهم مقرونًا بالعلو الكبير بالحجاز قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعدها، وذكر صورًا من مظاهر إفسادهم الأول، ثم دلل على أن الإفسادة الثانية هي الحالية بتحليل مفردات الآية السادسة ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ..﴾، والاستدلال بواقعهم المعاصر الذي وصلوا فيه الذروة في العلو الكبير. انظر: "حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية" (١٥٠ - ١٩٠)، و"الشخصية اليهودية من خلال القرآن" (٣٢٧ - ٣٤٩).
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٦، بنحوه.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٨٦ بنصه تقريبًا.