وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ﴾ إلى آخر الآية. فصلٌ يحتمل أن يكون ابتداءَ إخبارٍ عن الله تعالى في عقاب جميع الكافرين، ويحتمل أن يكون عطفًا على ما قبله؛ فيتضمن الإخبار عن تمام عقابهم على عودهم، والمراد بالكافرين اليهود؛ كأنه قيل: وإن عدتم للمعاصي والفساد عدنا عليكم بالتسليط، هذا في الدنيا، وجعلنا جهنم لكم مَحْبَسًا في الآخرة، وصرف الخطاب إلى المعاينة في قوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾.
٩ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي﴾، أي: يُرْشد ويدعو للتي، أي إلى التي ﴿هِيَ أَقْوَمُ﴾، أي: أعدل وأرشد (١) وأصوب؛ من قولهم: رمح قويم وقوام، أي مستقيم (٢)، وفلان أقوم كلامًا من فلان، أي أعدل، و ﴿لِلَّتِي﴾ نعت لموصوف محذوف على تقدير: يهدي للكلمة التي هي أقوم أو الطريقة والحالة؛ وهي كلمة التوحيد على ما قاله المفسرون (٣)، وإن شئت قلت طريقة التوحيد والإسلام (٤)، وقال الزجاج: للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمانُ بِرُسُلِه والعملُ بطاعته (٥).
١٠ - قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ الآية. فيجب ﴿أَن﴾
(٢) ورد في "تهذيب اللغة" (قام) ٣/ ٢٨٦٤ بنصه.
(٣) ورد في "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٧ - بمعناه، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٢٧، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٦١، و"الثعلبي" ٧/ ١٠٤ ب، و"الماوردي" ٣/ ٢٣٢ - بمعناه، انظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٨٠، و"ابن عطية" ٨/ ٢٦، و"الخازن" ٣/ ١٥٨.
(٤) ورد نحوه في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٥٣، وهو أعمّ من الأول، ورجحه ابن عطية ٩/ ٢٦.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٢٩ بنصه تقريبًا.