قال قتادة: لا والله، ما يحمل اللهُ على عبدٍ ذَنْبَ غيرِه، ولا يُؤاخَذ إلا بعمله (١). قال أبو إسحاق يقال: وَزَرَ يَزِرُ فهو وَازرٌ وَزْرًا وَوِزْرًا، [و] (٢) وِزْرَةً، معناه: أثِمَ يَأْثَمُ إثمًا، قال: وفي تأويل هذه الآية وجهان؛ أحدهما: أن الآثِمَ والمُذْنِبَ لا يؤاخذ بذنب غيره، ولا يؤاخذ بذنبه غيرُهُ، والوجه الثاني: أنه لا ينبغي أن يعمل الإنسانُ بالإثم لأن غيرَه عَمِلَه؛ كما قالت الكفار: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ (٣) [الزخرف: ٢٣]، ومضى الكلام في معنى الوِزْر والأوْزَار في سورة الأنعام (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ قال ابن عباس: يريد اتخاذ الحجة على خلقه.
وقال قتادة: إن الله ليس معذبًا أحدًا حتى يسبق من الله إليه خبرٌ (٥) ويأتيه من الله بَيِّنَة (٦).
وقال أبو إسحاق: أي حتى (٧) نبين ما به نُعَذِّبُ وما من أَجْله نُدْخِلُ الجنَّةَ (٨)، وهذا يدل على أن الواجبات إنما تجب بالشرع لا بالعقل؛ لأن الواجبَ ما لا يؤمن العقاب في تركه، وقد أخبر أنه لا يعذب قبل بعثته
(٢) هذه الواو إضافة يقتضيها المقام؛ كما في "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ١٧.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣١ بنصه، إلا أنه أورد الآية [٢٢] التي قبلها وهي: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾.
(٤) آية [٣١].
(٥) في جميع النسخ: (خير)، والصحيح المثبت، كما في المصادر.
(٦) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٥٤ بنصه تقريبًا.
(٧) في جميع النسخ: (حين)، والمثبت هو الصحيح، وموافق للمصدر.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣١ بنصه.