الرحمة لهما (١).
وقوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا﴾ الآية. قال قتادة: هكذا علمتم وبهذا أمرتم فخذوا بتعليم الله وأدبه (٢)، والمعنى: ﴿رَبِّ ارْحَمْهُمَا﴾: مثل تربيتهما إياي صغيرًا؛ أي مثل رحمتهما [إياي في صغري حتى ربياني، ولكنْ ذكرت التربية لأنها (٣) تدل على رحمتهما] (٤)، وتُذَكِّرُ الولدَ شفقة الأبوين وما أصابهما من النصب في تربيته، فكأنه قيل: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا﴾: لرحمتهما (٥) إياي في صغري، والكاف في موضع نصب؛ لأنه نعت مصدر محذوف (٦).
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ثم أنزل الله بعد هذا قوله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (٧) الآية [التوبة: ١١٣]، وقال قتادة: قوله: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا﴾ (منسوخ؛ لا ينبغي للمسلم أن يستغفر لوالديه إذا كانا مشركين (٨)، ولا يقول: رب
(٢) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٦٧، بنصه.
(٣) في (أ)، (د): (أنها)، والصحيح المثبت؛ لأنها تعليل.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من: (ش)، (ع).
(٥) في (ش): (كرحمتهما)، ومطموسة في (ع).
(٦) أي الكاف في قوله: ﴿كَمَا رَبَّيَانِي﴾، وقد قدَّر المحذوف الحوفي بقوله: ارحمهما رحمةً مثلَ تربيتهما لي، ووردت أقوال أخرى في الكاف وفي تقدير المحذوف. انظر: "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ٢٦٩، و"الدر المصون" ٧/ ٣٤٤.
(٧) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٦٧ بنصه، أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣١١ وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٨) ورد في "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٤٩٠، بنحوه، انظر: "غرائب التفسير" ١/ ٦٢٥ ذكره واستغربه ورده ورجح عدم النسخ، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٢٤٤، =