٥ - قوله تعالى: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ﴾ أي: بذلك القول ﴿مِنْ عِلْمٍ﴾ يعني: قالوه جهلاً، وافتراء على الله تعالى ﴿وَلَا لِآبَائِهِمْ﴾ اختار الفراء ﴿كَلِمَةً﴾ بالنصب.
قال الفراء: (من نصب أضمر الفاعل؛ كأنه قيل: كبرت تلك الكلمة كلمة، ومن رفع لم يضمر شيئًا، كما تقول: عظم قولك) (١).
وقال الزجاج: (المعنى: كبرت مقالتهم كلمة، و ﴿كلِمَةً﴾ منصوب على التمييز)؛ هذا كلامه (٢).
ومعنى التمييز في هذا: أنك إذا قلت: كبرت المقالة، أو الكلمة، جاز أن يتوهم أنها كبرت كذبًا، أو جهلاً، أو افتراء، فلما قلت: كلمة، ميزتها من محتمل فانتصب، كما تقول في باب التمييز.
قال أبو عبيد: (والنصب وجه القراءة؛ لأن الكلمة قد ذكرت قبل، وهي قوله: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾، فصارت مضمرة في (كبرت) (٣).
قال الأخفش: (هذه في النصب كقول الشاعر:
ولقد علمت إذا العشار ترَوَّحت.... هدج الرئال تكبهن شمالاً (٤)
قراءة النصب هي القراءة الصحيحة الثابتة، وقراءة الرفع قراءة شاذة قرأ بها: الحسن وابن محيصن. انظر: "معا ني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٦٨، و"إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢٦٥، و"مشكل إعراب القرآن" ص ٤٣٧، و"القراءات الشاذة" ص ٨١.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٦٨.
(٣) ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "البحر المحيط" ٦/ ٩٧، و"الدر المصون" ٧/ ٤٤٠، و"التفسير الكبير" ٢١/ ٧٨، و"روح المعاني" ١٨/ ٢٠٤.
(٤) البيت للأخطل. انظر: "ديوان" ص٣٨٧، و"معاني القرآن" للأخفش ١/ ٦١٦، و"شرح القصائد السبع" لابن الأنباري ص ٥٨١.