واسفنديار (١)، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جلس مجلسًا ذكر فيه الله تعالى، وحذر قومه ما أصاب من كان قبلهم من الأمم، خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: وإنا والله يا معشر قريش أحسن حديثًا منه فهلمّوا أحدثكم بأحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس، فبعثته قريش، وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط (٢) إلى أحبار يهود [بالمدينة، وقالوا لهما: سلوا عن محمد، وعن صفته، وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم من العلم مما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا أحبار يهود] (٣) عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووصفوا لهم صفته، وأخبروهم بأمره وببعض قوله، فقالت لهم أحبار يهود: سلوه عن ثلاث: عن فتية ذهبوا في الدهر الأول، ما كان من أمرهم؟ فإنه كان لهم حديث عجيب، وعن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبأه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فهو متقوّل. فأقبل النضر بن الحارث وصاحبه حتى قدما مكة وقالا: قد جئناكم بفصل ما بيننا وبين محمد، وأخبراهم بما قالت اليهود. فجاؤوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسألوه عن هذه الأشياء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أخبركم بما سألتم عنه غدًا". ولم يستثن،
(١) اسفنديار بن بشتاسب، من ملوك الفرس. انظر: "تاريخ الطبري" ١/ ٥٦٢، و"الروض الأنف" ٢/ ٥٢، و"الكامل في التاريخ" ١/ ١٥٤.
(٢) عقبة بن أبان بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن أبي معيط، من مقدمي قريش في الجاهلية، كنيته أبو الوليد، وكنية أبيه أبو معيط، كان شديد الأذى للمسلمين عند ظهور الدعوة، أسر يوم بدر وقتل وصلب. انظر: "الروض الأنف" ٢/ ٧٦، و"ابن الأثير" ٢/ ٢٧، و"الأعلام" ٤/ ٢٤٠.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).