عليها الذابحون. ومعنى القذف في اللغة: الرمي بالسهم والحصى والكلام وكل شيء، ويقال للسب: القذف؛ لأنه رمي بالقبيح من القول (١).
وقوله تعالى: ﴿فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ قال ابن عباس: (يريد النيل) (٢)
قال الليث: (﴿الْيَمِّ﴾: البحر الذي لا يدرك قعره ولا شطاه) (٣)
قال الأزهري: (﴿الْيَمِّ﴾: البحر، وهو معرب وأصله بالسريانية، فعربته العرب وأصله: يم، ويقع اسم اليم على ما كان ماؤه ملحًا زعاقًا، وعلى النهر الكبير العذب الماء كالذي في هذه الآية، وهو نهر النيل بمصر وماؤه عذب. قال الله تعالى: ﴿فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ﴾ فجعل له ساحلاً، وهذا كله دليل على بطلان قول الليث في اليم) (٤).
قال صاحب النظم: (اشترك في قوله: ﴿فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ﴾ الأمر والجزاء؛ لأنه جواب لقوله: ﴿فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ وهو أمر بالإلقاء، فصار كقوله: ﴿اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾ [العنكبوت: ١٢]، فقوله: ﴿اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا﴾ أمر وله جواب، وجوابه في قوله: (نحمل)، ودخول الواو واللام دلالة على استئناف أمر لنفسه، كما قال الشاعر (٥):
ويشهد لهذا المعنى قوله سبحانه في سورة [النور: ٢٣]: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
(٢) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" ١٦/ ١٦١، "الكشف والبيان" ٣/ ١٧ ب، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٩٥.
(٣) "تهذيب اللغة" (يم) ٤/ ٣٩٨٤.
(٤) نفسه.
(٥) اختلف في نسبة هذا البيت.