وشرحه أبو علي فقال: (وجه قراءة من قرأ: ﴿تَلْقَفُ﴾ بالرفع، وهي قراءة ابن عامر: أنه في موضع الحال، والحال يجوز أن يكون من الفاعل المُلْقِي، ويجوز أن يكون من المفعول المُلْقَى، فإن جعلته من الفاعل المُلْقِي جعلته المُتلَقَّفَ، وإن كان التَّلَقُفُ في الحقيقة للعصا، ووجه جعل المُتَلَقَّف أن التَّلَقُفُ في الحقيقة للعصا، ووجه جعل المُتَلَقَّف أن التَّلَقُف بإلقائه كان فجاز أن ينسب إليه، والفعل كثيرًا يضاف إلى المسبب، ويجوز أن يكون الحال من المفعول، وجعلت تَلْقَفْ حالًا، وإن لم تتلقف بعد، كما جاء في التنزيل: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] وكما أجاز النحويون: مررتُ برجلٍ معه صقر صائدًا به غدًا، وهذا النحو من الحال كثير في التنزيل وغيره) (١).
وقال: (﴿تَلْقَفْ﴾ على التأنيث، حملًا للكلام على المعنى؛ لأنه المراد بما في يمينه العصا. ومن قرأ: تلقفْ بالجزم، فعلى أن يكون جوابًا، كأنه: إن تُلْقِهِ تَلَقَّفْ، ويجوز أن يكون تَلْقَفْ خطابًا لموسى، كما ذكر في قراءة من رفع يجوز أن يكون حالًا للفاعل) (٢). وذكرنا معنى التلقف في سورة الأعراف مستقصى (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ أي: الذي صنعوه كيد ساحر. وقرئ: كيد سحر (٤). وساحر أقوى؛ لأنّ الكيد للساحر في الحقيقة وليس

(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٣٦.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٣٦.
(٣) عند قوله سبحانه: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾ [الأعراف: ١١٧].
(٤) قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: ﴿كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ بالألف.


الصفحة التالية
Icon