وقوله تعالى: ﴿يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ يعني: أهل مكة كان يتّجرون ويسيرون في مساكن عاد وثمود، وفيها علامات الإهلاك يقول: فلا يخافون أن يقع بهم مثل ما وقع بالذين رأوا مساكنهم (١).
١٢٩ - وقوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ﴾ أي: في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إلى يوم القيامة وهو قوله: ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ يعني القيامة وهو عطف على الكلمة، وقد أخر عن موضعه والتقدير: ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزامًا (٢). هذا قول الجميع.
وقال مجاهد: [﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ يعني الدنيا (٣). وعلى هذا الأجل في تركهم عن العذاب، ومن قال: هو القيامة] (٤) فهو أجل تعذيبهم، واللِزَام يجوز أن يكون فعالا من الملازمة، ويجوز أن يكون مصدرًا كاللزوم، والمعنى: لكان العذاب لازمًا لهم، فهو مصدر وصف به، وأضمر اسم كان، وهو العذاب لتقدم ذكره وللعلم به (٥)، والمعنى: لعذبوا في الدنيا ولزمهم العذاب كما لزم القرون الماضية لما كذبوا الرسل، هذا معنى الآية.

(١) "جامع البيان" ١٦/ ٢٣١، "معالم التنزيل" ٥/ ٣٥٢، "المحرر الوجيز" ١٠/ ١١١، "زاد المسير" ٥/ ٣٣٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٦٠.
ويشهد لهذا قوله سبحانه في سورة إبراهيم الآية رقم: (٤٥): ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾.
(٢) "جامع البيان" ١٦/ ٢٣٢، "الكشف والبيان" ٣/ ٢٦ أ، "بحر العلوم" ٢/ ٣٥٨، "النكت والعيون" ٢/ ٤٣٢، "الدر المنثور" ٤/ ٥٥٩.
(٣) "جامع البيان" ١٦/ ٢٣٢.
(٤) ما بين المعقوفين مكرر في الأصل وفي نسخة (س).
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (لزم) ٤/ ٣٢٦٠، "القاموس المحيط" (لزم) ٤/ ١٧٥، "الصحاح" (لزم) ٥/ ٢٠٢٩، "لسان العرب" (لزم) ٧/ ٤٠٢٧.


الصفحة التالية
Icon