وقوله تعالى: ﴿وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾ قال أبو إسحاق: كان أن الله يحفظهم من أن يفسدوا ما عملوا (١). ونحو هذا قال الفراء (٢).
وشال الكلبي: ﴿وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾ من أن يهيجوا (٣) أحدًا في زمانه (٤).
وقيل: ﴿وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾ حتى لا يخرجوا من أمره (٥).
٨٣ - قوله تعالى: هوَ ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ قال ابن عباس: دعا ربه (٦).
﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ وأصابني الجهد ﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ أكثرهم رحمه. وهذا تعريض منه بمسالة الرحمة إذ أثنى عليه بأنه (٧) الأرحم وسكت.
وقال أهل العلم: لم يكن هذا جزعًا من أيوب؛ لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا﴾ ولكن هذا دعاء منه لله تعالى ألا ترى أن الله تعالى قال:

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٠١.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٠٩.
(٣) غير واضحة في (أ)، (ت). ومعنى يهيجوا: يثيروا لمشقة أو ضرر. "لسان العرب" لابن منظور ٢/ ٣٩٤ (هيج)، "تاج العروس" للزبيدي ٦/ ٢٨٦ - ٢٨٧ (هيج).
(٤) ذكره الرازي ٢٢/ ٢٠٢ عن الكلبي، وذكره الفراء في "معانيه" ٢/ ٢٠٩ من غير نسبة لأحد.
(٥) هذا قول الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣٤٣ أ. وكل ما ذكر داخل في الحفظ، وقد قال تعالى في آية أخرى: ﴿وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [سبأ: ١٢] وقال ﴿وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ [ص: ٣٨]. وبالجملة فالله حافظهم أن يزيغوا عن أمره، أو يبدلوا أو يغيروا، أو يوجد منهم فسادٌ في الجملة فيما هم مسخرون فيه. قاله الزمخشري ٢/ ٥٨١.
(٦) ذكره البغوي ٥/ ٣٣٧، وابن الجوزي ٥/ ٣٧٤ من غير نسبة لأحد.
(٧) في (أ): (فإنه).


الصفحة التالية
Icon