قال (١) أبو علي: قد قالوا أنبت في معنى: نبت، وكأن الهمزة في أنبت مرة للتعدي ومرة لغيره، يكون من باب: أحال وأجرب وأقطف، أي: صار ذا حيال وجرب، والأصمعي ينكر أنبت، ويزعم أن قصيدة زهير التي فيها: [حتى إذا] (٢) أنبت البقل، متهمة. وإذا (٣) جاء الشيء مجيئًا كان للقياس فيه مسلك وروته الرواة لم يكن بعد ذلك موضع مطعن (٤).
وأما وجه القراءة (٥)، فمن قرأ ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ احتمل وجهين:
أحدهما: أن يجعل الجار زائدًا، يريد: تنبت الدهن (٦). ولحقت الباء كما لحقت في قوله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥] أي: لا تلقوا أيديكم، يدلك على ذلك قوله: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [النحل: ٨] (٧) (٨).
وقد زيدت هذه الباء مع الفاعل كما زيدت مع المفعول، وزيادتها مع

(١) في (ظ)، (ع): (وقال).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ع).
(٣) في (ع): (إذا).
(٤) "الحجة" ٥/ ٢٩٢.
(٥) في (ظ): (القراء).
(٦) في (أ): (بالدهن)، وهو خطأ.
(٧) قوله [أن تميد بكم] ساقط من (ظ)، (ع).
(٨) وعلى هذا الوجه تكون حجة من ضم التاء من قوله (تُنبت) أنه جعله رُباعيًا من: أنبت ينبت، وتكون الباء في (بالدهن) زائدة، لأن الفعل يتعدى إذا كان رباعيًا بغير حرف، كأنه قال: تنبت الدهن، لكن دلت بالباء على ملازمة الإنبات للدهن، كما قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١] فأتى بالباء، و (اقرأ) يتعدى بغير حرف لكن دلت الباء على الأمر بملازمة القراءة. أهـ من "الكشف" لمكي بن أبي طالب ٢/ ١٢٧.


الصفحة التالية
Icon