أنزل في القاذف لامرأته آية اللعان، وسن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التفريق بينهما فلا يجتمعان أبدًا. فكيف يأمره (١) بالإقامة على عاهرة لا تمتنع ممن أرادها؟ وفي حكمة أن يلاعن بينهما ولا يقره قاذفًا على حاله.
هذا (٢) لا وجه له عندنا، والذي يُحمل (٣) عليه وجه الحديث أنَّه ليس يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، إنما يحدثه هارون بن رئاب (٤) عن عبد الله بن عبيد، ويحدثه عبد الكريم الجزري، عن أبي الزبير (٥). وكلاهما يرسله (٦). فإن كان له أصل، فإن معناه: أن الرجل وصف امرأته بالخُرق (٧) وضعف الرأي وتضييع ماله، فهي لا تمنعه [من طالب] (٨)، ولا تحفظه من سارق (٩).

(١) (يأمره) ساقطة من (أ).
(٢) في (ظ)، (ع): (هذه إلا وجه).
(٣) في (أ): (يحصل).
(٤) هو: هارون بن رئاب التميمي، الأسدي، البصري، أبو بكر أو أبو الحسن، أحد العلماء الربانيين العبّاد.
روى عن أنس وابن المسيب، وعنه الأوزاعي وشعبه. قال الذهبي وابن حجر: ثقة. "الكاشف" للذهبي ٣/ ٢١٣، "تقريب التهذيب" ٢/ ٣١١.
(٥) هو: محمد بن مسلم بن تدرس، أبو الزبير المكي، تقدم.
(٦) تقدّم أثناء تخريج الحديث روايات موصولة صحَّحها العلماء.
(٧) الخُرق: عدم إحسان العمل والتصرف في الأمور، والحُمْق. انظر: "القاموس المحيط" ٣/ ٢٢٦.
(٨) ما بين المعقوفين ساقط من (ظ)، (ع).
(٩) ما اختاره أبو عبيد هنا منقول أيضًا عن الإمام أحمد والأصمعي وغيرهما.
وضعَّف أبو العباس بن تيمية في "الفتاوى" ٣٢/ ١١ هذا القول.
وقال ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ٢٦٤ وردَّ هذا بأنَّه لو كان المراد لقال: لا تردّ يد ملتمس.
ونقل ابن حجر في "تلخيص الحبير" ٣/ ٥٤ عن بعض أهل العلم أنه قال: السخاء =


الصفحة التالية
Icon