هذا عندنا مذهب الحديث. وإن كان الآخر مقولًا (١).

= مندوب إليه؛ فلا يكون موجبًا لقوله طلّقها، ولأن التبذير إن كان من مالها فلها التصرف فيه وإن كان من ماله فعليه حفظه، ولا يوجب شيء من ذلك الأمر بطلاقها.
وذكر الصنعاني في "سبل السلام" ٣/ ٣٦٠ هذا القول واستبده، وذكر نحو ما تقدم ثم قال: على أنَّه لم يتعارف في اللغة أن يقال: فلان لا يرد يد لامس، كناية عن الجود.
(١) يعني القول بان المراد بقول الرجل: لا ترد يد لامس هو الفجور.
وبهذا القول قال جماعة من العلماء، منهم: الخلال والنسائي وابن الأعرابي والخطابي والغزالي والنووي وغيرهم.
وقد ردّ الإمام أحمد وغيره هذا القول، فقال الإمام أحمد -كما نقل عنه- لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليأمره بإمساكها وهي تفجر.
وتقدّم ردّ أبي عبيد لهذا القول.
واستبعده ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ٢٦٤ وبيِّن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يأذن في مصاحبة من هذا صفتها؛ لأنَّ زوجها -والحالة هذه- يكون ديوثًا.
وقال عنه الصنعاني في "سبل السلام" ٣/ ٣٦٠: إنَّه في غاية البعد، وذلك للآية (الزاني.. وحرم ذلك على المؤمنين)؛ ولأنَّه -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر الرجل أن يكون ديوثًا. اهـ وأقرب الأقوال في توجيه "لا ترد يد لامس": أنَّ الرجل أراد أن سجيّتها لا ترد يد لامس، فهي سهلة الأخلاق ليس فيها نفور وحشمة عن الأجانب، لا أن هذا الأمر واقع منها وأنها تفعل الفاحشة.
قال أبو العباس ابن تيمية في "الفتاوى" ٣٢/ ١١٦: لفظ اللامس قد يراد به من مسَّها بيده وإن لم يطأها فإن من النساء من يكون فيها تبرّج، وإذا نظر إليها رجلٌ أو وضع عليها يده لم تنفر عنه، ولا تمكنه من وطئها، ومثل هذه نكاحها مكروه، ولهذا أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بفراقها ولم يوجب ذلك عليه لما ذكر أنَّه يحبّها؛ فإن هذه لم تزن ولكنها مذنبة ببعض المقدمات؛ ولهذا قال: لا ترد يد لامس فجعل اللمس باليد فقط، ولفظ اللمس والملامسة إذا عني الجماع لا يخص باليد، بل إذا قرن باليد فهو كقوله ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [الأنعام: ٧] اهـ.=


الصفحة التالية
Icon