وقال الفراء: يقول: لا يستطيعون في أمرك حيلة (١). وهذا قول ثالث في الآية (٢). والمعنى: لا سبيل لهم في دفع ما أتيتهم به من الحق ولا حيلة لهم في إبطاله.
١٠ - ثم أعلم الله تعالى أنه لو شاء لأعطى نبيه -صلى الله عليه وسلم- من الدنيا خيرًا مما اقترحوا أن يكون له فقال: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ أي: خيرا مما قالوا (٣) من إلقاء كنز، وأن تكون لك جنة تأكل منها. وقال مقاتل: يعني أفضل من الكنز والجنة (٤). ثم بَيَّن ذلك الذي هو خير مما قالوا بقوله: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾.

(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٣، بنصه.
(٢) هذه الأقوال الثلاثة، في المراد بالسبيل؛ القول الأول: سبيل الهدى. الثاني: مخرجاً يخرجهم من الأمثال التي ضربوها لك. الثالث: لا يستطيعون في أمرك حيلة. وكان الأولى بالواحدي. رحمه الله. أن يبين ضعف القول الأول، كما سبق، وخاصة أنه مخالف لظاهر الآية، إذ إن ظاهرها يدل على عجزهم عن مقاومة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والله أعلم. وذكر الماوردي ٤/ ١٣٤ في الآية ثلاثة أقوال؛ الأول: قول مجاهد، والثاني: سبيلاً إلى الطاعة لله، ونسبه للسدي، ولم أجد من نسبه له غيره. والثالث: سبيلاً إلى الخير، ونسبه ليحيى بن سلام.
(٣) هذا قول مجاهد. وما بعده من كلام الواحدي. "تفسير مجاهد" ٤٤٧. وأخرجه عن مجاهد ابن جرير ١٨/ ١٨٥. وابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٦٦. وذكره عنه الثعلبي ٨/ ٩٢ ب، وذكر ابن جرير ١٨/ ١٨٥، قولاً آخر: خيرًا من أن تمشي في الأسواق، وتلتمس المعاش كما يلتمسه الناس. ونسبه لابن عباس، لكنه من طريق محمد بن إسحاق. وأخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٦٦، من قول محمد بن إسحاق. وذكره الثعلبي ٨/ ٩٢ ب، منسوبًا لابن عباس. وهذا القول فيه تخصيص بدون مخصص، وظاهر الآية رجوع اسم الإشارة إلى كل ما سبق ذكره من اقتراحات المشركين. والله أعلم.
(٤) "تفسير مقاتل" ص ٤٣ ب.


الصفحة التالية
Icon