وقال الكلبي: ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾ تحت غرفها وشجرها ومساكنها (١). يعني في الدنيا؛ لأنه قد شاء أن يعطيه إياها في الآخرة.
قال خيثمة (٢): قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن شئت أعطيناك مفاتيح الأرض وخزائنها لا ينقصك ذلك عندنا شيئًا في الآخرة، ونزلت هذه الآية (٣)، فزهد فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآثر أمر الآخرة (٤)؛ وذلك أنه شاور جبريل في ذلك؛ فقال جبريل: تواضع لله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الفقر أحب إليّ وأن أكون عبدًا صابرًا شكورًا". وهذا معنى قول ابن عباس في رواية جويبر عن الضحاك عنه (٥).

(١) "تنوير المقباس" ص ٣٠١.
(٢) خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة، لأبيه وجده صحبة، حدّث عن أبيه، وعائشة وغيرهم -رضي الله عنهم- أدرك ثلاثة عشر صحابيًا. ت: ٨٠ هـ "تاريخ الثقات" للعجلي ص ١٤٥. "تهذيب التهذيب" ٣/ ١٥٤. "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٣٢٠. وذكره العلائي في "جامع التحصيل" ص ٢٠٩. فالحديث مرسل.
(٣) أخرجه ابن جرير في تفسيره ١٨/ ١٨٦، بسنده عن حبيب قال: قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم- إن شئت أن نعطيك من خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك، ولا يعطى مَنْ بعدك، ولا ينقص ذلك مما عند الله تعالى، فقال: اجمعوها لي في الآخرة، فأنزل الله -عز وجل- في ذلك: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ﴾ وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٦٦، بسنده عن حبيب بن أبي ثابت عن خيثمة مختصرًا قريباً من سياق ابن جرير. وذكره السمرقندي ٢/ ٤٥٤. وابن كثير ٦/ ٩٥، كلاهما بدون إسناد، عن سفيان الثوري عن حبيب، به. وحبيب بن أبي ثابت، ثقة فقيه جليل، ولكنه كان كثير الإرسال والتدليس. "جامع التحصيل" للعلائي ص١٩٠، و"التقريب" ص ٢١٨. وهنا لم يصرح بالتحديث. إضافة إلى علة الإرسال من خيثمة كما سبق في ترجمته قريبًا.
(٤) هذا من كلام الواحدي -رحمه الله- وليس من الرواية. وهو بنصه في "معاني القرآن" للز جاج ٤/ ٥٩.
(٥) أخرج هذه الرواية الثعلبي ٨٩٢ ب، مطوّلة جدًا. وفيها (الفقر أحب إليّ...). =


الصفحة التالية
Icon