وإن لم يُسأل كالدَّين (١). وعلى هذا المعنى: وعدًا واجبًا هو مما يُسأل وإن لم يُسأل. وهذا معنى قول ابن عباس في تفسير قوله: ﴿وَعْدًا مَسْئُولًا﴾ يريد: لا خلاف فيه (٢). وهذا الوجوب من قِبَل الله تعالى هو أوجبه على نفسه أنه لا يخلف الميعاد؛ ولا يجب لأحد عليه شيء دون إيجابه (٣).
١٧ - ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ قال مقاتل: يجمعهم يعني: كفار مكة (٤). وقال غيره: يعني المشركين كلهم ومن (٥) كان يعبد غير الله (٦)؛ لقوله: ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ قال ابن عباس: ونحشر ما يعبدون من دون الله (٧). قال

(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٣.
(٢) أخرج نحوه ابن جرير ١٨/ ١٨٩، من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وكذا ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٧١. وذكره العز في "تفسيره" ٢/ ٤١٩. وابن كثير ٦/ ٩٨، من الطريق السابق.
(٣) حاصل ما ذكر أن ﴿مَسْئُولًا﴾ فيها قولان:
١ - مطلوباً. والطالب له: إما المؤمنون، أو الملائكة.
٢ - أن معنى: المسؤول: الواجب. "تفسير ابن الجوزي" ٦/ ٧٧. وعلى المعنى الثاني، يكون واجباً بحكم الاستحقاق، على قول المعتزلة، أو بحكم الوعد على قول أهل السنة. تفسير الزمخشري ٣/ ٢٦١، والرازي ٢٤/ ٦٠. وتفسير أبي حيان ٦/ ٤٤٦. قال ابن كثير ٦/ ٩٨: هذا من وعد الله الذي تفضل به عليهم، وأحسن به إليهم. قال البقاعي ١٣/ ٣٥٧: وهو من وادي ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦].
(٤) "تفسير مقاتل" ص ٤٣ ب.
(٥) في (ج): (من) بدون واو.
(٦) ذكر هذا كله الواحدي. رحمه الله. في "الوسيط" ٣/ ٣٣٦، غير منسوب.
(٧) "تفسير مقاتل" ص ٤٣ ب. و"تفسير الطوسي" ٧/ ٤٧٨، ولم ينسبه. وذِكرُ المعبودات هنا بلفظ ﴿مَا﴾ إشارة إلى أن ناطقها وصامتها جمادٌ بل عدمٌ بالنسبة إليه سبحانه. مع أن ﴿مَا﴾ موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم، من كان أكثر استعماله في غير العقلاء. "نظم الدرر" ١٣/ ٣٦٠. و"تفسير أبي السعود" ٦/ ٢٠٨.


الصفحة التالية
Icon