وذلك على تلوين الخطاب من الإفراد والجمع (١). ثم ذكر جواب المعبودين بقوله:
١٨ - ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ قال ابن عباس، ومقاتل: نزهوا الله، وعظموه من أن يكون معه إله (٢).
﴿مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ إن قيل: كيف يجوز للمعبودين أن يقولوا هذا؛ وإنما اتخذهم غيرهم أولياء من دون الله، وليس هذا الجواب يليق للسؤال المتقدم. والجواب عنه من وجوه؛ أحدها: أن المعنى: ما كان ينبغي لنا أن نعبد غيرك [ونتخذ غيرك وليًا ومعبودًا فكيف ندعوا إلى عبادتنا، أي: إذا كنا نحن لا نعبد غيرك] (٣) فكيف ندعوا أحدًا إلى أن يعبدنا؟. فذكر من جوابهم على أنهم لم يضلوهم، ولم يأمروهم بعبادتهم، وهو أنهم إذا كانوا لا يرون لأنفسهم عبادة غير الله؛ فكيف يدعون غيرَهم إلى عبادتهم. وهذا معنى قول الفراء (٤).
وقال صاحب النظم: هذا بالتدريج يصير جوابًا للسؤال الظاهر؛ وهو أن من عبد شيئًا فقد تولاه، وإذا تولاه العابد صار المعبود وليًا

(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٣٨.
(٢) "تفسير مقاتل" ص ٤٣ ب. و"تنوير المقباس" ص ٣٠١. وذكره الهوّاري ٣/ ٢٠٤. والسمرقندي ٢/ ٤٥٥. والواحدي في "الوسيط" ٣/ ٣٣٦، والبغوي ٦/ ٧٦. ولم ينسبوه لأحد. قال القرطبي ١٣/ ١٠: فإن قيل: فإن كانت الأصنام التي تعبد تحشر فكيف تنطق وهي جماد؟ قيل: ينطقها الله تعالى يوم القيامة؛ كما ينطق الأيدي والأرجل.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (ج).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٣. وقريب من هذا في "تنوير المقباس" ص ٣٠١. و"تفسير مقاتل" ص ٤٣ ب.


الصفحة التالية
Icon