إسحاق هذا القول فقال: كان الرجل الشريف ربما أراد الإسلام فعلم أن مَنْ دونه في الشرف قد أسلم قَبْله فيمتنع من الإسلام لئلا يقال: أسلم مِن قَبْلِه مَنْ هو دونه (١). ويقيم على كفره لئلا يكون له السابقة والفضل عليه. وذلك افتتان بعضهم ببعض.
القول الثاني: أن هذا عام في جميع الخلق. رُوي ذلك عن أبي الدرداء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ويل للعالم من الجاهل، وويل للجاهل من العالم (٢)، وويل للسلطان من الرعية، وويل للرعية من السلطان (٣)، وويل للمالك من المملوك، وويل للمملوك من المالك، وويل للشديد من الضعيف، وويل للضعيف من الشديد. بعضهم لبعض فتنة" (٤). فهو قول الله -عز وجل-: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾.
القول الثالث: أن هذا في أصحاب البلاء والمعافين. يقول الفقير: لِمَ لَمْ أجعل بمنزلة الغني. ويقول ذو البلاء؛ كالأعمى، والزَّمِن: لِمَ لَمْ أجعل بمنزلة المعافى (٥) وذكر مقاتل: أن هذا قول في ابتلاء فقراء المؤمنين،

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٢٦. و"معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٥.
(٢) ما بين المعقوفين، في (أ)، (ب).
(٣) ما بين المعقوفين، في (ج).
(٤) ذكره هود الهوّاري في تفسيره ٣/ ٢٠٥، فقال: ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.. وذكره الثعلبي ٩٤ أ، بإسناده عن الحسن عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. وعنه القرطبي ١٣/ ١٨. وذكره السيوطي ٦/ ٢٤٤، عن الحسن، يرفعه للنبي -صلى الله عليه وسلم-، مع اختلاف في اللفظ. ونسبه لابن أبي شيبة. ولكني لم أجده عنده. والحسن، هو البصري، ثقة فقيه فاضل مشهور، لكنه كان يرسل كثيرًا، ويدلس. "السير" ٤/ ٥٦٣، و"جامع التحصيل" ١٩٤، و"التقريب" ٢٣٦. وقد عنعن الحسن في هذا الحديث فهو بهذا الإسناد لا يصح رفعه، فلعله من كلام الحسن. والله أعلم.
(٥) ذكر هذا القول ابن جرير ١٨/ ١٩٤، عن الحسن. ونحوه عن ابن جريج. ويشهد =


الصفحة التالية
Icon