وقال أبو عبيدة: ﴿كَانَ غَرَامًا﴾ أي: هلاكًا. وهو اختيار المبرد وابن قتيبة (١)
٦٧ - قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ فيه ثلاثهَ أوجه من القراءة؛ ضم الياء، من ﴿يَقْتُرُوا﴾ وضم التاء، وكسر التاء مع فتح الياء (٢)، يقال: قَتَر الرجل على عياله، يَقْتِرُ ويَقْتُرُ قَتْرًا، مثل: يَعْكُف

= الغريم الغريم، وأنشد قول بشر بن أبي حازم. والرواية الثانية، قال: أخرج ابن الأنباري، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن نافع ابن الأزرق، قال له: أخبرني عن قوله: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ ما الغرام، قال: المولع، وأنشد بيت ابن عجلان. وأنشد ابن الأنباري البيت، ونسبه لحاتم بن عبد الله الطائي، وليس فيه ذكر السؤال، أو أنه من إنشاد ابن عباس. كتابه "الزاهر في معاني كلمات الناس" ١/ ٢٤٠. والبيت في "ديوان حاتم الطائي" ص ١٢٧، بيتاً مفرداً.
(١) "مجاز القرآن" ٢/ ٨٠. و"غريب القرآن" ص ٣١٥. وذكره البخاري، ولم ينسبه، "الفتح" ٨/ ٤٩٥. واقتصر عليه الغزنوي، في وضح البرهان ٢/ ١٢٦، واستدل ببيت بشر عليه. ومن الأقوال الواردة في الغرام، ما ذكره الهواري ٣/ ٢١٧ ﴿غَرَامًا﴾ أي: انتقاماً. وما ذكره الماوردي ٤/ ١٥٥، عن قطرب: ثقيلاً، ومنه قوله ﴿فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ [القلم: ٤٦].
(٢) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: بفتح الياء، وكسر التاء. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: ﴿يَقتُرُواْ﴾ بفتح الياء، وضم التاء. وقرأ نافع، وابن عامر: ﴿يُقتروا﴾ بضم الياء، وكسر التاء. "كتاب السبعة في القراءات" ٤٦٦، و"إعراب القراءات السبع وعللَّها" ٢/ ١٢٤، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٨، و"النشر" ٢/ ٣٣٤. قال النحاس، معلقاً على قراءة ضم الياء: وتعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه؛ لأن أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ، فإنما يقال: أقتر يُقتر، إذا افتقر، كما قال جل وعز: ﴿وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وتأول أبو حاتم لهم أن المسرف يفتقر سريعاً، وهذا تأويل بعيد، ولكن التأويل أن أبا عمرو الجرمي، حكى عن الأصمعي، أنه يقال للإنسان إذا ضَيَّق: قتر يقتُر ويقتِر، وقتَّر يُقتِّر، وأقتر يُقتر، فعلى هذا تصح القراءة، وإن كان فتح الياء أصح، وأقرب متناولاً، وأشهر وأعرف. "إعراب القرآن" ٣/ ١٦٧.


الصفحة التالية
Icon